الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } * { وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ } الآية هذه السورة مكية وقيل غير ذلك والتي تجادلك خولة بنت ثعلبة وقيل غير ذلك وأكثر الرواية على أن الزوج في هذه النازلة أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت ظاهر من امرأته قال أبو قلابة وغيره: كان الظهار في الجاهلية يوجب عندهم فرقة مؤبدة ولما ظاهر أوس بن أسامة قالت زوجته: " يا رسول الله أكل أوس شبابي ونثرت له بطني فلما كبرت ومات أهلي ظاهر مني فقال لها: ما أراك إلا قد حرمت عليه فقالت: يا رسول الله لا تفعل فإِني وحيدة ليس لي أهل سواه فراجعها بمثل مقالته فراجعته فهذا هو جدالها وكانت تقول في خلال ذلك اللهم إن لي منه صبية صغار إن ضممتهم إليّ جاعوا وإن ضممتهم إليه ضاعوا فهذا هو اشتكاؤها إلى الله تعالى فنزل الوحي عند جدالها قالت عائشة رضي الله عنها: سبحان من وسع سمعه الأصوات كان بعض كلام خولة يخفى علي وسمع الله جدالها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أوس وعرض عليه كفارة الظهار العتق فقال: ما أملك والصوم قال: ما أقدر والإِطعام فقال لا أجد إلا أن تعينني فأعانه صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعاً ودعا له فكفر بالإِطعام وأمسك أهله " وكان عمر يكرم خولة إذا دخلت عليه ويقول قد سمع الله تعالى لها والظهار قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي يريد في التحريم وقوله: { مِنكُمْ } إشارة إلى التوبيخ العرب وتهجين عاداتهم في الظهار لأنه كان من إيمان الجاهلية خاصة دون سائر الأمم والظاهر أن قوله: { مِّن نِّسَآئِهِمْ } يشمل المدخول بها وغير المدخول بها من الزوجات لا من ظاهر منها قبل عقد نكاحها.

{ مَّا هُنَّ } أجري مجرى ليس في رفع الإِسم ونصب الخبر كما في قوله تعالى:مَا هَـٰذَا بَشَراً } [يوسف: 31] وقوله:فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [الحاقة: 47] وقرأ المفضل عن عاصم أمهاتهم بالرفع على لغة تميم وابن مسعود بأمهاتهم بزيادة الباء.

قال الزمخشري: في لغة من ينصب " انتهى " ، يعني أنه لا تزاد الباء إلا في لغة تميم وهذا ليس بشىء وقد ردّ ذلك الزمخشري وزيادة الباء في مثل ما زيد بقائم كثير في لغة تميم والزمخشري تبع في ذلك أبا علي الفارسي ولما كان معنى كظهر أمي أي كأمي التحريم ولا يراد خصوصية الظهر الذي هو من الجسد جاء النفي بقوله: { مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } ثم أكد ذلك بقوله: { إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ } أي حقيقة.

{ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ } والحق بهن في التحريم أمهات الرضاع وأمهات المؤمنين أزواج الرسول عليه السلام وان نافية واللائي أحد جموع التي وقول المظاهر منكر من القول تنكره الحقيقة وينكره الشرع وزور كذب وباطل منحرف عن الحق وهو محرم تحريم المكروهات جداً وإذا وقع لزم وقد رجى تعالى بعده بأنه عفو غفور مع الكفارة والظاهر أن الظهار لا يكون إلا بالأم وحدها فلو قال: أنت علي كظهر أختي أو ابنتي، لم يكن ظهاراً والظاهر أن قوله: { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ } أن يعودوا اللفظ الذي سبق منهم وهو قول الرجل ثانياً: أنت علي كظهر أمي فلا تلزم الكفارة بالقول الأول وإنما تلزم بالثاني وهو قول أهل الظاهر.

السابقالتالي
2 3