الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } * { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } * { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }

{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الآية هذه السورة مدنية بإِجماع المفسرين قاله النقاش وقال غيره كالزمخشري هي مكية ومناسبتها لآخر ما قبلها واضحة لأنه تعالى أمر بالتسبيح ثم أخبر أن التسبيح المأمور به قد فعله والتزمه كل من في السماوات والأرض وأتى سبح بلفظ الماضي ويسبح بلفظ المضارع وكله يدل على الديمومة والاستمرار.

{ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } لما ذكر تعالى تسبيح العالم له وما احتوى عليه من الملك والتصرف وما وصف به نفسه من الصفات العلا وختمها بالعلم بخفيات الصدور أمر تعالى عباده المؤمنين بالثبات على الإِيمان وإدامته والنفقة في سبيل الله تعالى، قال الضحاك: نزلت في غزوة العمرة غزوة تبوك.

{ مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } أي ليست لكم بالحقيقة وإنما انتقلت إليكم من غيركم وكما وصلت إليكم تتركونها لغيركم وفيه تزهيد فيما بيد الإِنسان إذ مصيره إلى غيره وليس له منه إلا ما في الحديث " يقول ابن آدم: مالي، مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت " وفي لفظ فأمضيت.

{ وَمَا لَكُمْ } استفهام على سبيل التأنيث والإِنكار وهو مبتدأ ولكم الخبر.

{ لاَ تُؤْمِنُونَ } جملة حالية والواو في والرسول واو الحال وفي وقد أخذوا والحال وقرىء أخذ مبنياً للفاعل والمفعول والمعنى أن من اتصف بهذه الأحوال يجب أن يؤمن ويديم الإِيمان والميثاق الذي أخذ قيل انه أخذه الله تعالى حين استخرج من ظهر آدم عليه السلام ذريته وأشهدهم على أنفسهم وجواب إن كنتم محذوف أي فدوموا على الإِيمان.

{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ } إستفهام ثان على معنى الإِنكار وإن لا تنفقوا مصدر على إسقاط حرف الجر تقديره في عدم الإِنفاق والواو في ولله واو الحال ومقابل قوله لا يستوي منكم من أنفق محذوف يدل عليه ما بعده تقديره ومن أنفق من بعده الفتح وقاتل ثم أثنى على من فعل ذلك قبل الفتح ثم قال:

{ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } أي كلاً من المنفقين وهو منصوب على أنه مفعول أول بقوله: " وعد والحسنى " مفعول ثان وهي قراءة الجمهور بالنصب وقرأ ابن عامر: وكل بالرفع على أنه مبتدأ وخبره الجملة بعده حذف منه المفعول وهو الضمير العائد على كل تقديره وعده الله تعالى ونظير ذلك قول الشاعر:
وخالد تحمد ساداتنا   بالحق لا تحمد بالباطل
تقديره تحمده سادتنا فحذف الضمير العائد على المبتدأ والظاهر أن قوله: { وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } هو زيادة على التضعيف المترتب على القرض أي وله مع الضعيف أجر كريم.

{ يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } الآية العامل في يوم ما عمل في لهم التقدير ومستقر لهم أجر كريم يوم ترى أو اذكر يوم ترى إعظاماً لذلك اليوم والرؤية هنا رؤية العين والنور حقيقة والظاهر أن النور يتقدم لهم بين أيديهم ويكون أيضاً بإِيمانهم فيظهر أنهما نوران نور ساع بين أيديهم ونور بإِيمانهم فلذلك تضيء الجهة التي يؤمونها وبهذا يضيء ما حواليهم من الجهات.

السابقالتالي
2