الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

{ لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية قال ابن عباس والبراء بن عازب وأنس: لما تزل تحريم الخمر قال قوم: كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر. فنزلت. فأعلم تعالى أن الدم والجناح إنما يتعلق بفعل المعاصي والذين ماتوا قبل التحريم ليسوا بعاصين. والظاهر من سبب النزول أن اللفظ عام ومعناه الخصوص.

{ ثُمَّ اتَّقَواْ } ثبتوا وداموا على الحالة المذكورة. { ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ } انتهوا في التقوى إلى امتثال ما ليس بفرض من النوافل في الصلاة والصدقة وغير ذلك.

{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ } الآية نزلت عام الحديبية وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنعيم فكان الوحش والطير يغشاهم في رحالهم وهم محرمون. وقيل: كان بعضهم أحرم وبعضهم لم يحرم فإِذا عرض صيد اختلفت أحوالهم واشتبهت الأحكام. وقيل: قتل أبو اليسر حمار وحش برمحه، فقيل: قتلت الصيد وأنتم محرم. فنزلت. ومناسبتها لما قبلها هو أنه لما أمرهم أن لا يحرموا الطيبات وأخرج من ذلك الخمر والميسر وهما حرامان وإنما أخرج بعده ما حرم من الطيبات في حال دون حال وهو الصيد وكان الصيد مما تعيش به العرب وتتلذذ باقتناصه ولهم فيه الأشعار والأوصاف الحسنة. والظاهر أن الخطاب بقوله: يا أيها الذين آمنوا، عام للمحل والمحرم لكن لا يتحقق الإِبتلاء إلا مع الإِحرام أو الحرم. { لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ } هذا تعليل لقوله: ليبلونكم، ومعنى ليعلم ليتميز من يخاف عقاب الله وهو غائب منتظر في الآية فيتقي العبيد ممن لا يخافه فيقدم عليه.

{ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ } أي فمن اعتدى بالمخالفة فصاد. وذلك إشارة إلى النهي الذي تضمنه معنى الكلام السابق، وتقديره فلا تصيدوا يدل عليه قوله: { لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ }.

{ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } قيل: في الآخرة. وقيل: في الدنيا. قال ابن عباس: يوسع بطنه وظهره جلداً ويسلب ثيابه. { وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } جملة حالية. وحرم جمع حرام، والحرام ينطلق على من كان محرماً وعلى من حل الحرم.

{ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم } الآية الظاهر تقييد القتل بالعمد فمن لم يتعمد فقتل خطأ بأن كان ناسياً لإِحرامه أو رماه ظاناً أنه ليس بصيد فإِذا هو صيد أو عدل سهمه الذي رماه لغير صيد فأصاب صيداً فلا جزاء عليه، وروى ذلك عن أبي عباس وابن جبير وطاووس وعطاء وسالم، وبه قال أبو ثور وداود والطبري، وهو أحد قولي الحسن البصري ومجاهد وأحمد وغيرهم. ومذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأصحابه أن الخطأ بنسيان أو غيره، كالعمد والعمد أن يكون ذاكراً لإِحرامه قاصداً للقتل، وروي ذلك عن عمر وابن عباس.

وقرأ الكوفيون فجزاء بالتنوين مثل بالرفع فارتفاع جزاء على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره فالواجب عليه أو اللازم له جزاء، ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر تقديره فعليه جزاء ومثل صفة أي فجزاء يماثل ما قتل.

السابقالتالي
2 3 4