الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } * { وَحَسِبُوۤاْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } * { لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } * { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ لَقَدْ أَخَذْنَا } الآية هذا إخبار بما صدر من أسلاف اليهود من نقض الميثاق الذي أخذه الله تعالى عليهم وما اجترحوه من الجرائم العظام من تكذيب الأنبياء وقتل بعضهم والذين بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أخلاف أولئك فغير بدع ما يصدر منهم للرسول من الأذى والعصيان إن ذلك شنشنة من أسلافهم.

{ كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ } الآية تقدم تفسير مثلها في البقرة. وقال الزمخشري: هنا فإِن قلت: أين جواب الشرط؟ فإِن قوله: فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون، ناب عن الجواب، لأن الرسول الواحد لا يكون فريقين ولأنه لا يحسن أن تقول: ان أكرمت أخي أخاك أكرمت. قلت: هو محذوف ودل عليه قوله: فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون، كأنه قيل: كلما جاءهم رسول منهم ناصبوه. وقوله: فريقاً كذبوا، جواب مستأنف لقائل يقول: كيف فعلوا برسلهم. " انتهى ". فقوله فإِن قلت: أين جواب الشرط؟ سمي قوله: كلما جاءهم رسول شرطاً وليس بشرط بل كل منصوبة على الظرف لإِضافتها إلى المصدر المنسبك من ما المصدرية الظرفية والعامل فيها هو ما يأتي بعد ما المذكورة وصلتها في الفعل كقوله تعالى:كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ } [النساء: 56]، وقوله:إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ } [الملك: 7]. وأجمعت العرب على أنه لا يجزم بكلما وعلى تسليم تسميته شرطاً فذكر ان قوله: فريقاً كذبوا ينبوا على الجواب لوجهين، أحدهما: قوله لأن الرسول الواحد لا يكون فريقين وليس كما ذكر لأن الرسول في هذا التركيب لا يراد به الواحد بل المراد به الجنس، ألا قرىء انك إذا قلت: لا أصحبك ما طلع نجم، لا يراد به واحد بل يراد به الجنس وأي نجم طلع، وإذا كان المراد به الجنس انقسم إلى الفريقين فريق كذب وفريق قتل. والوجه الثاني: في قوله: ولأنه لا يحسن أن تقول: إن أكرمت أخي أخاك أكرمت، يعني أنه لا يجوز تقديم منصوب فعل الجواب عليه وليس كما ذكر بل مذهب البصريين الكسائي أن ذلك جائز حسن ولم يمنعه إلا الفراء وحده وهذا كله على تقدير تسليم أن كلما شرط وإلا فلا يلزم أن يعتذر بهذا بل يجوز تقديم منصوب الفعل العامل في كلما عليه فتقول: كلما جئتني أخاك أكرمت. وعموم نصوص النحويين على ذلك لأنهم حين حصروا ما يجب تقديم المفعول به على العامل وحصروا ما يجب تأخيره عنه قالوا: وما سوى ذلك يجوز فيه التقديم على العامل والتأخير عنه ولم يستثنوا هذه الصورة ولا ذكروا فيها خلافاً فعلى هذا الذي قررناه يكون العامل في كلما قوله كذبوا وما عطف عليه ولا يكون محذوفاً. وقال الحوفي وابن عطية: كلما ظرف والعامل فيه كذبوا.

السابقالتالي
2 3 4