الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } * { قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } * { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ } * { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } * { وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }

{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية قال ابن عباس: كان رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث قد أظهر الإِسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادونهما فنزلت. ولما نهى تعالى المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء نهى هنا عن اتخاذ الكفار أولياء يهوداً كانوا أو نصارى أو غيرهما. وكرر ذكر اليهود والنصارى بقوله: { مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } ، وإن كانوا مندرجين في عموم الكفار على سبيل النص على بعض أفراد العام لسبقهم في الذكر في الآيات قبل ولأنهم أوغلوا في الاستهزاء وأبعد انقياداً للإِسلام إذ يزعمون أنهم على شريعة إلهية، ولذلك كان المؤمنون من المشركين في غاية الكثرة والمؤمنون من اليهود والنصارى في غاية القلة. وقرىء والكفار بالنصب عطفاً على الذين اتخذوا وبالجر عطفاً على من الذين. { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي في موالاة الكفار ثم نبّه على الوصف الحامل على التقوى وهو الإِيمان أي من كان مؤمناً حقاً يأبى موالاة إعداد الدين.

{ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ } قال الكلبي: كان إذا نودي بالصلاة قام المسلمون إليها، فتقول اليهود: قاموا لا قاموا صلوا لا صلوا، ركعوا لا ركعوا، على طريق الاستهزاء والضحك فنزلت. وإذا ناديتم، أي نادى بعضكم إلى الصلاة لأن الجميع لا ينادون. وقال بعض العلماء: فيها دليل على مشروعية الآذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده. " انتهى ". ولا دليل في ذلك على مشروعيته لأنه قال وإذا ناديتم، ولم يقل ونادوا على سبيل الأمر، وإنما هذه جملة شرطية دلت على سيق المشروعية لا على إنشائها ولما قدم أنهم اتخذوا الدين هزواً ولعباً اندرج في ذلك الجميع ما إنطوى عليه الدين فجرد من ذلك أعظم أركان الدين ونص عليه بخصوصه وهو الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه فنبه على أن من استهزأ بالصلاة ينبغي أن لا يتخذ ولياً وأن يطرد ويتخذ عدواً فهذه الآية جاءت كالتوكيد للآية التي قبلها.

{ ذٰلِكَ } أي الفعل منهم كائن بسبب انتفاء عقلهم ونفاه عنهم لكونهم لم ينتفعوا به في الدين. { قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ } الآية قل أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وهل استفهام معناه النفي. وتنقمون بكسر القاف ماضية نقم وهي أفصح من نقم ينقم وإلا ان آمنا استثناء مفرغ أي لا يغيبون منا شيئاً إلا الإِيمان بالله وهذه محاورة لطيفة وجيزة تنبه الناقم على أنه ما نقم عليهم إلا ما لا ينقم ولا يعد عيباً ونظيره:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم   بهن فلول من قراع الكتائب
وما أنزل معطوف على بالله وهو القرآن وما أنزل من قبل هي الكتب الإِلهية كالتوراة والإِنجيل وغيرهما. وقرأ نعيم بن ميسرة وإن أكثركم فاسقون بكسر الهمزة وهو واضح المعنى أمره تعالى أن يقول لهم هاتين الجملتين.

السابقالتالي
2 3