الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } كرر أحلال الطيبات تأكيداً للجملة قبلها ولما يعطف عليها من قوله: { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } ، وهو عام مخصوص خصة الجمهور بذبائحهم سواء أسموا اسم الله على الذبيحة أم لم يسموا، وما كان حراماً على المسلم أكله وإن كان أهل الكتاب يأكلونه كالميتة والدم والخنزير فلا يجوز لنا أكله وان كان ذلك من طعامهم. وذهبت الزيدية والامامية الى أنه لا يجوز أكل ذبائحهم فأما ما كان مما هو طعام لهم وليس من الذبائح كالخبز والفواكه فلا خلاف بين المسلمين في جواز أكله وأصل الكتاب هم اليهود والنصارى المتأصِّلون في ذلك لا من تهوَّد وتنصر من العرب وغيرهم لأنهم لم يؤتوا الكتاب ومن العلماء من أجرى هؤلاء مجرى الكتابي الأصلي، ومعنى وطعامكم حل لهم أي يحل لكم أن تطعموهم من طعامكم. والظاهر أن المجوسي والصابىء لا يحل لنا أكل ذبيحتهم لأنهم ليسوا من أهل الكتاب.

{ وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَاتِ } أي وأحل لكم نكاح المحصنات أي العفائف اللاتي لسن بزوان. { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } أي العفائف منهن. وظاهر هذه الآية جواز نكاح الكتابيات ذمية كانت أو حربية، وقد تزوج عثمان رضي الله عنه نائلة بنت الفرافصة وكانت نصرانية. وتزوج طلحة يهودية من الشام. ومن العلماء من منع نكاح الكتابيات واستدل بقوله تعالى:وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } [البقرة: 221]، قال وأي شرك أعظم ممن يقول المسيح بن الله وعزيز بن الله، تعالى الله عما يقولون. وتقدم الكلام على هذه المسألة في البقرة ومذهب الامامية تحريم نكاح الكتابيات والمسلم يجد بينه وبين الكافرة نفرة دينية وقد تقوى فتصير نفرة طبيعية وأن شخصاً لا يؤمن بالله تعالى ويكذب الرسل وخصوصاً نبيّنا محمداً صلى الله عليه وسلم لجدير أن يهجر ولا يعاشر ولا يتخذ فراشاً بل ولو كان مسلماً فاسقاً أو مبتدعاً وجب هجره وترك معاشرته.

{ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } أي مهورهن. وانتزع العلماء من هذا انه لا ينبغي أن يدخل زوج بزوجة إلا بعد أن يبذل لها من المهر ما يستحلها به ومن جوز أن يدخل دون بذل ذلك رأى أنه بحكم الالتزام في حكم المؤتي. { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } تقدم الكلام على نظيرها في سورة النساء. { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَانِ } أي شرائع الإِيمان. { فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } أي إذا وافى على الكفر.

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ } الآية، نزلت في قصة عائشة حين فقدت العقد بسبب فقد الماء ومشروعية التيمم وذلك في غزوة المريسيع. ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما افتتح الأمر بإِيفاء العقود وذكر تحليلاً وتحريماً في المطعم والمنكح فاستقصى ذلك وكان المطعم آكد من المنكح فقدمه عليه وكان النوعان من لذات الدنيا الجسمية ومهماتها للإِنسان وهي معاملات دنيوية بين الناس بعضهم من بعض استطرد منها إلى المعاملات الأخروية التي هي بين العبد وربه تعالى.

السابقالتالي
2 3 4