الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ }

{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ } الآية، سبب نزولها قصة عبد الله بن أبيّ واستمساكه بحلف يهود وتبرىء عبادة بن الصامت من حلفهم عن انقضاء بدر وانتجاز أمر بني قينقاع وكانوا حنفاء عبد الله وعبادة في قصة فيها طول هذا ملخصها. والله أعلم. نهى تعالى المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى ينصرونهم ويستنصرون بهم ويعافونهم ويعاشرونهم معاشرة المؤمنين. والظاهر أن الضمير في " بعضهم " عائد على اليهود والنصارى. وقيل المعنى على أن ثم محذوفاً والتقدير بعض اليهود أولياء بعض وبعض النصارى أولياء بعض لأن اليهود ليسوا أولياء النصارى ولا النصارى أولياء اليهود. ويمكن أن يقال جمعهم في الضمير على سبيل الإجمال ودل ما بينهم من المعاداة على التفصيل وإن بعض اليهود لا يتولى إلا جنسه وبعض النصارى كذلك. قال الحوفي: هي جملة من مبتدأ وخبر في موضع النعت لأولياء. والظاهر أنها جملة مستأنفة لا موضع لها من الإِعراب.

{ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } قال ابن عباس: فإِنه منهم في حكم الكفر، أي ومن يتولهم في الدين وهذا تشديد عظيم في الانتفاء من أهل الكفر وترك موالاتهم وانحاء عبد الله بن أبيّ ومن اتصف بصفته ولا يدخل في الموالاة معاملة اليهود والنصارى من غير مصافاة.

{ فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عطية: وقرأ ابن وثاب فيرى الذين بالياء فيحتمل أن يكون الذين فاعل يرى والمعنى أن يسارعوا فحذفت أنّ إيجازاً. " انتهى ". هذا ضعيف لأن حذف إنْ من هذا لا ينقاس والفاعل ضمير يعود على الله أو على الرأي. والذين في قلوبهم مرض عبد الله بن أبيّ ومن تبعه من المنافقين.

{ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ } أي في مودتهم وموالاتهم. { يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ } هذا محفوظ من قول عبد الله بن أبيّ. وقاله معه منافقون كثير. قال ابن عباس: معناه نخشى أن لا يتم أمر محمد فيدور الأمر علينا.

{ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ } هذه بشارة للرسول والمؤمنين بوعده تعالى بالفتح والنصر. قال قتادة: عني به القضاء في هذه النوازل والفتاح القاضي. قال ابن عطية: وظاهر الفتح في هذه الآية ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلو كلمته فيستغني عن اليهود. { أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ } هو اجلاء بني النضير وأخذ أموالهم لم يكن للناس فيه فعل بل طرح الله في قلوبهم الرعب فأعطوا بأيديهم من غير أن يوجف عليهم بخيل ولا ركاب وقتل قريظة وسبى ذراريهم. { فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ } أي يصيرون نادمين على ما حدثتهم به أنفسهم ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتم أمره ولا تكون الدولة لهم.

السابقالتالي
2