الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } الآية مناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما ذكر جزاء المحاربين أمر المؤمنين بتقوى الله وابتغاء القربات إليه فإِن ذلك هو المنجي من المحاربة والعقاب المعد للمحاربين والوسيلة القربة أمر المؤمنين بأوصاف خالف فيها المحارب إذ لم يتق الله تعالى ولا ابتغى قربة إليه، وجعل الحرابة عوض الجهاد في سبيل الله فاستحق بذلك العقاب العظيم في الدنيا والعذاب في الآخرة، ورتب هنا رجاء الفلاح على الاتصاف بهذه الأوصاف التي في هذه الآية من التقوى وابتغاء الوسيلة والجهاد.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية لما ذكر حال المؤمن ورجاء الفلاح له ذكر حال الكافر وما يقول إليه. وخبر إن هو لو، وجوابها ومثله معطوف على ما من قوله: ما في الأرض، أي الذي في الأرض، وجواب لو جاء منفياً وهو قوله: ما تقبل منهم، وجاء على الفصيح من ترك اللام إذ يجوز في الكلام لو جاء زيد لما جاء عمرو، فتدخل اللام على ما النافية. وقال به فأفرد الضمير وإن كان تقدمه شيآن ما الموصولة ومثله لتلازمهما، كما قالت العرب: رب يوم وليلة مربّي، تريد مر أبي فأفرد الضمير لتلازم اليوم والليلة. (قال الزمخشري: ويجوز أن تكون الواو في ومثله معه بمعنى مع فيتوحد المرجوع إليه، فإِن قلت: فيم ينتصب المفعول معه؟ قلت: بما تستدعيه لو من الفعل لأن التقدير لو ثبت أن لهم ما في الأرض جميعاً. " انتهى ". إنما توحّد الضمير لأن حكم ما قبل المفعول معه في الخبر والحال وعود الضمير متأخراً حكمه متقدماً تقول الماء والخشبة استوا كما تقول الماء استوى والخشبة. وقد أجاز الأخفش في ذلك أن يعطي حكم المعطوف فتقول: الماء والخشبة استويا ومنع ذلك ابن كيسان، وقول الزمخشري: ويجوز أن تكون الواو في ومثله بمعنى مع ليس بشيء لأنه يصير التقدير مع مثله معه أي مع مثل ما في الأرض إن جعلت الضمير في معه عائداً على ما فيكون معه حالاً من مثله، وإذا كان ما في الأرض مع مثله كان مثله معه ضرورة فلا فائدة في ذكر معه لملازمة معية كل منهما للآخر. وإن جعلت الضمير عائداً على مثله أي مع مثله مع ذلك المثل فيكون المعنى مع مثلين فالتعبير عن هذا المعنى بتلك العبارة عن إذا الكلام المنتظم أن يكون التركيب إذا أريد ذلك المعنى مع مثله. وقول الزمخشري: فإِن قلت: إلى آخر الجواب هذا السؤال لا يرد لأنا قد بينا فساد أن تكون الواو واو مع وعلى تقدير وروده فهذا بناء منه على أن أنْ إذا جاءت بعد لو كانت في موضع رفع على الفاء عليه فيكون التقدير على هذا لو ثبت كينونة ما في الأرض مع مثله لهم ليقتدوا به فيكون الضمير عائداً على ما فقط وهذا الذي ذكره وهو تقريع منه على مذهب المبرد في أنّ أن بعد لو في موضع رفع على الفاعلية وهو مذهب مرجوح.

السابقالتالي
2 3 4