الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن ٱلْعَٱلَمِينَ } * { يَٰقَوْمِ ٱدْخُلُوا ٱلأَرْضَ ٱلمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَٰسِرِينَ } * { قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } * { قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { قَالُواْ يَامُوسَىۤ إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } * { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } الآية، مناسبتها لما قبلها أنه تعالى بين تمردّ أسلاف اليهود على موسى وعصيانهم إياه مع تذكيره إياهم بنعم الله وتعداد ما هو العظيم منها وإن هؤلاء الذين هم بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم هم جارون معك مجرى أسلافهم مع موسى عليه السلام وعدد عليهم من نعمة ثلاثاً، الأولى: جعل أنبياء فيهم وذلك أعظم الشرف إذ هم الوسائط بين الله وبين خلقه والمبلغون عن الله شرائعه. الثانية: جعلهم ملوكاً ظاهرة الامتنان عليهم بأن جعلهم ملوكاً أي جعل منهم ملوكاً إذ الملك شرف الدنيا واستيلاء، فذكرهم بأن منهم قادة الآخرة وقادة الدنيا. الثالثة: إيتاؤهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، فسره ابن عباس بالمن والسلوى والحجر والغمام.

و { الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ } المطهرة وهي إيليا المشتملة على بيت المقدس الآن، وقيل غير ذلك. وقال الفرزدق:
وبيتان بيت الله نحن نزوره   وبيت بأعلى إيلياء مشرف
وفي الحديث: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد، فمسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ".

ومعنى: { كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } قسمها لكم وسماها وفي ذلك تنشيط لهم وتقوية، إذ أخبرهم بأن الله تعالى كتبها لهم. { وَلاَ تَرْتَدُّوا } أي لا تنكصوا. { عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ } من خوف الجبابرة جنباً وهلعا. { قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا } الظاهر أن قومه قالوا ذلك. وقيل: النقباء، وقيل: الأشراف المطلعون على الأسرار. { قَوْماً جَبَّارِينَ } قيل: إنهم من الروم استولوا على الأرض المقدسة وكانوا شجعاناً وذوي قوة، وقيل: من ولد العيص بن إسحاق. { وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا } بقتال غيرنا أو بسيب يخرجهم الله به فيخرجون.

{ قَالَ رَجُلاَنِ } الأشهر عند المفسرين أن الرجلين هما يوشع بن نون بن أفراثيم بن يوسف وهو ابن أخت موسى، وكالب بن يوقنا ختن موسى على أخته مريم بنت عمران، وهما اللذان وفيا من النقباء الذي بعثهم موسى [عليه السلام] في كشف أحوال الجبابرة فكتما ما اطلعا عليه من حال الجبابرة إلا عن موسى عليه السلام وأفشى ذلك بقية النقباء في أسباطهم فآل بهم ذلك إلى الخور والجبن بحيث امتنعوا من القتال.

ومعنى: { مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ } أي من قتال الجبابرة. { أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا } أي بالوثوق بأن الله كتب لهم الأرض المقدسة. { ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ } والباب باب مدينة الجبارين. والمعنى أقدموا على الجهاد وكافحوا حتى تدخلوا عليهم الباب وهذا يدل على أن موسى كان قد أنزل محلته قريباً من المدينة.

{ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ } قالا ذلك ثقة بوعد الله في قوله: كتب الله لكم، وقيل: رجاء لنصر الله ورسله وغلب ذلك على ظنهم وما غزى قوم في عقر ديارهم إلا ذلّوا وإذا لم يكونوا حافظي باب مدينتهم حتى دخل وهو المهم فلأن لا يحفظوا ما وراء الباب أولى.

السابقالتالي
2 3