الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوۤاْ آمَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } * { إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } * { قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنْكَ وَٱرْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } * { قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }

{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ } الظاهر أن الوحي على ألسنة الرسل والرسول هنا هو عيسى عليه السلام وهذا الإِيحاء هو إلى الحواريين هو من نعم الله تعالى على عيسى بأن جعل له أتباعاً يصدّقونه ويعملون بما جاء به.

{ أَنْ آمِنُواْ } أن تفسيرية بمعنى أي، ويجوز أن تكون مصدرية أي بالإِيمان. { قَالُوۤاْ آمَنَّا } أي بك وبرسولك. و { مُسْلِمُونَ } أي منقادون لأمرك.

{ إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ } ظاهر اللفظ أن قوله تعالى:إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ } [المائدة: 110]، إلى آخر قصة المائدة، كان ذلك في الدنيا ذكر تعالى عيسى بنعمته وبما أجراه على يده من المعجزات وباختلاف بني إسرائيل عليه وانقسامهم إلى كافر ومؤمن وهم الحواريون وغيرهم ثم استطرد إلى قصة المائدة إعلاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما صدر من الحواريين في قصة المائدة بعد إقرارهم بالإِيمان بالله وبعيسى عليه السلام إذ في سؤال المائدة بعض تعنت من الحواريين، وفي قولهم: السلام إذ في سؤال المائدة بعض تعنت من الحواريين، وفي قولهم: يا عيسى ابن مريم سوء أدب، إذ لم يقولوا: يا روح الله، أو يا رسول الله. وفي قولهم: هل يستطيع ربك سوء أدب، وقرأ الجمهور: هل يستطيع ربك بالياء وربك بالرفع. وقرأ الكسائي: هل تستطيع بالتاء، وربك بالنصب وهو على حذف مضاف تقديره سؤال ربك، فالمعنى هل تستطيع أن تسأل ربك أن ينزل، وهذه القراءة أحسن من المحاورة من قراءة الجمهور.

{ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } والمائدة الخوان الذي عليه طعام فإن لم يكن عليه طعام فليس بمائدة. { قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } فيه إنكار عليهم. واقتراح هذه الآية وبشاعة اللفظ في قولهم: هل يستطيع ربك، بعد قولهم: امنا بك وبرسولك، ويدل على اضطرابهم الآية التي تأتي بعدها. روي أن عيسى عليه السلام لبس جبة شعر ورداء شعر وقام يصلي ويبكي ويدعو.

والآية قولهم: { نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا } أي مما على المائدة. { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا } وإن هذه هي المخففة من الثقيلة تقديره أنك قد صدقتنا.

{ وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } قال الزمخشري: عاكفين عليها على أن عليها في موضع الحال. " انتهى ". وهذا التقدير ليس بجيد لأن حرف الجر لا يحذف عامله وجوباً إلا إذا كان كوناً مطلقاً لا كوناً مقيداً والعكوف كون مقيد ولأن المجرور إذا كان في موضع الحال كان العامل فيها عاكفين المقدر، وقد ذكرنا أنه ليس بجيد. ثم ان قول الزمخشري مضطرب لأن عليها إذا كان ما يتعلق به هو عاكفين كانت في موضع نصب على المفعول الذي تعدى إليه العامل بحرف الجر، وإذا كانت في موضع الحال كان العامل فيها كوناً مطلقاً واجب الحذف فظهر التنافي بينهما والله أعلم.

السابقالتالي
2 3