الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَٱسْمَعُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } * { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وَٱلأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ بِإِذْنِيِ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }

{ فَإِنْ عُثِرَ } أي فإِن اطلع بعد حلفهما. { عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً } أي ذنباً بحنثهما في اليمين بأنها ليست مطابقة للواقع. { فَآخَرَانِ } أي رجلان آخران. { يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا } أي مقام ذينك الرجلين اللذين استحقا إثماً بما ظهر عليهما من خيانتهما في الجام يقومان مقامهما في الإِيمان أنهما يستحقان ذلك الجام ويكونان من الورثة لمال الميت الذي كان مسافراً. وقرىء استحق عليهم مبني للمفعول أي استحق عليهم أي أخذ الجام الذي كان الأولان خانا فيه وكتماه عن الورثة. وقرىء استحق مبنياً للفاعل أي استحق الأولان أخذه بخيانتها. وقرىء الأولين صفة للذين ويريد به الوارث لأنهم أوّلون باعتبار استحقاق المال والآخران المعثور على خيانتهما آخران. وقرىء الأوْليان على إضمار مبتدأ محذوف أي الآخران القائمان مقام الأولين اللذين كتما الجام تقديره هما الأوليان. { فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا } أي لإِيماننا أن الجام مما نستحقه أحق من شهادة ذينك الأولين ويريد بالشهادة الإِيمان لأن الإِيمان تثبت بها الحقوق كما تثبت بالشهادة لشهادتنا جواب القسم.

{ وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ } معطوف عليه كما جاء قسم الآخرين له جوابان لا نشتري ولا نكتم كذلك جاء هاهنا جوابان لشهادتنا وما اعتدينا. { إِنَّا إِذاً } أي إن زللنا في الشهادة واعتدينا. { لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } وهذه الآية نزلت في قضية معيّنة على ما دل عليه سبب النزول في صحيح البخاري ولم تقيد شهادة العدلين بالسفر وقيدت به شهادة آخرين من غير المسلمين بقوله تعالى:إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } [المائدة: 106]. وثم محذوف تقديره ووضعتما أيديكما على جميع ما خلفه الميت ثم أديا ذلك للورثة فإِن ارتيب فيهما حلفا اليمين المذكور بعد الصلاة فإِن اطلع على خيانة منهما في شيء معيّن حلف الآخران على استحقاق ذلك وأخذاه وذكر في البحر تقادير من الإِعراب تطالع فيه. { ذٰلِكَ } الإِشارة إلى الحكم السابق. ولما كان الشاهدان لهما حالتان حالة يرتاب فيها إذا شهدا فإِذ ذاك يحبسان بعد الصلاة ويحلفان اليمين المشروعة في الآية وحالة يطلع فيها إذا شهدا على إثمهما بالشهادة وكذبهما في الحلف فإِذ ذاك لا يلتفت إلى إيمانكم وترد على شهود آخرين فيعمل بإِيمانهم، فقوبلت كل حالة بما يناسبها وكان العطف بأولانها لأخذ الشيئين والإِشارة بالفاسقين إلى من حرف الشهادة.

{ يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ } الآية، مناسبتها لما قبلها أنه لما أخبر تعالى بالحكم في شاهدي الوصية ذكر بهذا اليوم المخوف وهو يوم القيامة فجمع بذلك بين فضيحة الدنيا وعقوبة الآخرة لمن حرف الشهادة ومن لم يتق الله تعالى. وقوله: { مَاذَآ أُجِبْتُمْ } سؤال توبيخ لأمهم لتقوم الحجة عليهم وانتصاب ماذا بأجبتم انتصاب مصدره على معنى أيّ إجابة أجبتم. كما تقول: ماذا يقوم زيد، تريد أي قيام يقوم.

السابقالتالي
2 3