الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ } الآية مناسبتها لما قبلها تعالى لما نهى عن سؤال ما لم يأذن فيه ولا كلفهم إياه منع من التزام أمور ليست مشروعة منه تعالى. والبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة، كالنطيحة بمعنى المنطوحة وهي الناقلة إذا أنتجت خمسة أبطن في آخرها ذكر شقوا أذنها وخلوا سبيلها لا تركبُ ولا تحلب ولا تطرد عن ماء ولا مرعى. والسائبة فاعلة من ساب يسبب إذا جرى على وجه الأرض، يقال: ساب الماء وسابت الحية. وقال ابن عباس: السائبة هي التي تسيّب للأصنام أي تعتق. وكان الرجل يسيب من ماله شيئاً فيجيء به إلى السدنة وهم خدم آلهتهم فيطعمون من لبنها للسبيل. والوصيلة قال ابن عباس: إنها الشاة تنتج سبعة أبطن فإِن كان السابع أنثى لم ينتفع النساء منها بشيء إلا أن تموت فيأكلها الرجال والنساء، وإن كان ذكراً ذبحوه وأكلوه جميعاً، وإن كان ذكراً وأنثى قالوا وصلت أخاها فتترك مع أخيها فلا تذبح، ومنافعها للرجال دون النساء فإِذا ماتت اشترك الرجال والنساء فيها. والحافي إسم فاعل من حمى وهو الفحل من الإِبل. قال ابن مسعود وابن عباس: هو الفحل ينتج من صلبه عشرة أبطن، فيقولون: قد حمي ظهره، فيسيبونه لآلهتهم فلا يحمل عليه شيء. ومن في قوله: من بحيرة، زائدة وبحيرة مفعولة. بجعل. قال الزمخشري: معنى ما جعل ما شرع ذلك ولا أمر بالتبحير والتسييب وغير ذلك. " انتهى ". وقال ابن عطية: وجعل في هذه الآية لا يتجه أن تكون بمعنى خلق لأن الله تعالى خلق هذه الأشياء كلها، ولا هي بمعنى صيّر لعدم المفعول الثاني إنما هو بمعنى ما سنّ ولا شرع. " انتهى ". لم يذكر النحويون في معنى جعل شرع بل ذكروا أنها تأتي بمعنى خلق، وبمعنى ألقى، وبمعنى صيّر، وبمعنى الأخذ في الفعل، فتكون من أفعال المقاربة، وذكر بعضهم أنها تجيء بمعنى سمّى وقد جاء حذف أحد مفعولي ظن وأخواتها لكنه قليل والحمل على ما سمع أولى من إثبات معنى لم يثبت في لسان العرب فيحتمل أن يكون المفعول الثاني محذوفاً أي ما صير الله بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حامياً مشروعة بل هي من شرع غير الله والانعام خلقها الله رفقاً بعباده ونعمة عددها عليهم ومنفعة بالغة وأهل الجاهلية قطعوا طريق الانتفاع بها واذهاب نعمة الله فيها.

{ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية استدراك بعد نفي والمعنى ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب يجعلون البحيرة وما بعدها من جعل الله تعالى ذلك وعبّر بقوله الكذب عن نسبة ذلك الجعل إلى الله تعالى. { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ } الآية تقدم تفسيرها في البقرة.

السابقالتالي
2 3