الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } * { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } * { وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } * { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } * { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ } * { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } * { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } * { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ }

{ إِنَّ ذَلِكَ } الإِشارة بذلك إلى ما يفهم مصدر صبر وغفر والعائد على الموصولة المبتدأ من الخبر محذوف أي أن ذلك منه لدلالة المعنى عليه.

{ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } إن كان ذلك إشارة إلى المصدر المفهوم من قوله: ولمن صبر وغفر لم يكن في عزم الأمور حذف وإن كان ذلك إشارة إلى المبتدأ كان هو الرابط ولا يحتاج إلى تقدير منه وكان في عزم الأمور حذف أي لأنه لمن ذوي عزم الأمور.

{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } أي على النار دل عليها ذكر العذاب.

{ خَاشِعِينَ } متضائلين صاغرين بما يلحقهم من الذل والصغار.

{ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ } قال ابن عباس: دليل.

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } الظاهر أن وقال ماض لفظاً ومعنى أي وقال الذين آمنوا في الحياة الدنيا ويكون يوم القيامة معمولاً لخسروا وقدم تعالى هبة الإِناث تأنيساً بهن وتشريفاً لهن ليهتم بصونهن والإِحسان إليهن وفي الحديث " من ابتلي بشىء من هذه البنات فأحسن إليهن كن له ستراً من النار " ولما كان العقم ليس بمحمود قال:

{ وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } وهو قسيم لمن يولد له ولما كان الخنثى يحزن بوجوده لم يذكره تعالى قالوا وكانت الحلقة مستمرة ذكراً وأنثى إلى أن وقع في الجاهلية الأولى الخنثى فسئل فارض العرب ومعمرها عامر بن الظرب عن ميراثه فلم يدر ما يقول فيه وأرجأهم فلما جن عليه الليل جعل يتقلب وتذهب به الأفكار وأنكرت خادمه عليه الحالة التي هو فيها فسألته فقال لها سهرت لأمر لا أدري ما أقول فيه فقالت له: ما هو فقال شخص له ذكر وفرج كيف حاله في الميراث قالت له الأمة ورثه من حيث يبول فعقلها وأصبح يعرضها عليهم فرضوا بها وجاء الإِسلام على ذلك وقضى بذلك علي كرم الله وجهه.

{ إِنَّهُ عَلِيمٌ } أي بمصالح العباد.

{ قَدِيرٌ } على تكوين ما يشاء.

{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ } أي ما ينبغي ولا يمكن إلا بأن يوحى إليه أحد وجوه الوحي من الإِلهام قال مجاهد: أو النفث في القلب وقال النقاش أو وحي في المنام وقال النخعي: كان في الأنبياء من يخط له في الأرض أو بأن يسمعه كلامه دون أن يعرف هو للمتكلم جهة ولا حيزاً كموسى عليه السلام وهذا معنى من وراء حجاب أي من خفاء عن المتكلم لا يحده ولا يتصور بذهنه عليه وليس كالحجاب في المشاهد أو بأن يرسل إليه ملكاً يشافهه بوحي الله تعالى.

{ إِنَّهُ عَلِيٌّ } عن صفات المخلوقين { حَكِيمٌ } تجري أفعاله على ما تقتضيه الحكمة يكلم بواسطة وبغير واسطة.

{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ } أي مثل ذلك الإِيحاء المفصل أوحينا إليك إذ كان عليه السلام اجتمعت له الطرق الثلاث النفث في الردع والمنام وتكليم الله له حقيقة ليلة الإِسراء وإرسال رسول الله وهو جبريل عليه السلام.

{ مَا كُنتَ تَدْرِي } قبل الوحي أن تقرأ القرآن ولا كيف تدعوا الخلق إلى الإِيمان.

{ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً } يحتمل أن يعود إلى قوله روحاً وإلى الكتاب وإلى الإِيمان وهو أقرب مذكور.

{ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } أخبر بالمضارع والمراد به الديمومة كقولك زيد يعطي ويمنع أي من شأنه ذلك ولا يراد به حقيقة المستقبل إذ جميع الأمور صائرة إليه على الدوام.