الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَنْعَامَ لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } * { وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } * { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْكَافِرُونَ }

{ ٱدْخُلُوۤاْ } الظاهر أنهم قيل لهم ادخلوا بعد المحاورة السابقة وهم قد كانوا في النار ولكن هذ أمر مقيد بالخلود وهو الثواء الذي لا ينقطع فليس أمراً بمطلق الدخول إذ بعد الدخول فيها أمروا أن يدخلوا سبعة الأبواب التي لكل باب منها جزء مقسوم من الكفار فكان ذلك أمراً بالدخول بقيد التجزئة لكل باب وخالدين حال مقدرة ودلت على الثواء الدائم فجاء التركيب.

{ فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } ولم يجىء التركيب فبئس مدخل المتكبرين لأن نفس الدخول لا يدوم فلم يبالغ في ذمه بخلاف الثواء الدائم الذي لا ينقطع فإِنه بولغ في ذمه.

{ فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ما وعده به من نصره وإعلاء حق ثابت لا بد من وقوعه.

{ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ } أي من أخبرناك به في القرآن وهم ثمانية عشر نبياً.

{ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ } أي ليس ذلك راجعاً إليهم لما اقترحوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس ذلك إلى لا تأتي آية إلا إن شاء الله فإِذا جاء أمر الله ردو وعيد باقتراحهم الآيات وأمر الله القيامة والمبطلون المعاندون مقترحو الآيات ومتى أتتهم الآيات فأنكروها وسموها سحراً " ثم ذكر تعالى آيات اعتبار وتعداد نعم فقال:

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَنْعَامَ } وهي ثمانية أزواج.

{ لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا } وهي الإِبل إذ لم يعهد ركوب غيرها.

{ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } عام في ثمانية الأزواج ولما كان المركوب منها وهي الإِبل أعظم منفعة إذ فيه منفعة الأكل والركوب وذكر أيضاً أن في الجميع منافع من شرب لبن واتخاذ دثار وغير ذلك أكل منفعة الركوب بقوله:

{ وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ } من بلوغ الأسفار الطويلة وحمل الأثقال إلى البلاد الشاسعة وما أشبه ذلك من المنافع الدنيوية والدينية ولما كان الركوب وبلوغ الحاجة المترتب عليه قد يتوصل به إلى الانتقال لأمر واجب أو مندوب كالحج وغيره دخل حرف القليل على الركوب وعلى المترتب عليه من بلوغ الحاجات فجعل ذلك علة لجعل الأنعام لنا ولما كان الأكل وإصابة المنافع من جنس المباحات لم يجعل ذلك علة في الجعل بل ذكر أن منها نأكل ولنا فيها منافع من شرب لبن واتخاذ دثار وغير ذلك كما أدخل لام التعليل في لتركبوا ولم يدخلها على الزينة في قوله والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ولما ذكر ما امتن به من منة الركوب للإِبل في البر ذكر ما امتن به من نعمة الركوب في البحر فقال:

{ وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ } أي حججه وأدلته على وحدانيته.

{ فَأَيَّ آيَاتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ } أي أنها كثيرة فأيها ينكر أي لا يمكن إنكار شىء منها في العقول وأي آيات الله منصوب بتنكرون قال الزمخشري: فأي آيات الله جاءت على اللغة المستفيضة وقوله: فأية آيات الله قليل لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة غريب وهي في أي أغرب لإِبهامه " انتهى ".

السابقالتالي
2