الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } * { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } * { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً }

{ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من النفاق، وعبر عن المجازاة بالعلم والقول البليغ هو الزاجر والرادع. ويتعلق قوله في أنفسهم، بقوله قل على أحد معنيين، أي قل لهم خالياً بهم لا يكون معهم أحد من غيرهم مسارّاً لأن النصح إذا كان في السر كان أنجح وكان بصدد أن يقبل سريعاً. ومعنى بليغاً أي مؤثراً فيهم. أو قل لهم في معنى أنفسهم النجسة المنطوية على النفاق قولاً بليغاً يبلغ منهم ما يزجرهم عن العود إلى ما فعلوا.

وقال الزمخشري: فإِن قلت: بم تعلق قوله في أنفسهم؟ قلت: بقوله بليغاً، أي قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم مؤثراً في قلوبهم يغتمون به اغتماماً ويستشعرون منه الخوف استشعاراً وهو التوعد بالقتل والاستئصال ان نجم منهم النفاق. " انتهى إعرابه وتعليقه " في أنفسهم بقوله بليغاً، لا يجوز على مذهب البصريين لأن معمول الصفة لا يتقدم على الموصوف عندهم. لو قلت: هذا رجل ضارب زيداً، لم يجز أن تقول: هذا زيداً رجل ضارب، لأن حق المعمول أن لا يحل إلا في موضع يحل فيه العامل ومعلوم أن النعت لا يتقدم على المنعوت لأنه تابع والتابع لا يتقدم على المنعوت لأنه تابع والتابع لا يتقدم على المتبوع وأجاز ذلك الكوفيون أجازوا هذا طعامك رجل يأكل. والزمخشري أخذ في ذلك بمذهب الكوفيين.

واللام في: { لِيُطَاعَ } ، لام كي، وهو استثناء مفرغ من المفعول من أجله، أي وما أرسلنا من رسول لشيء من الأشياء إلا يجل الطاعة.

وقال ابن عطية: وعلى التعليقين فالكلام عام اللفظ خاص المعنى لأنا نقطع ان الله تبارك وتعالى قد أراد من بعض خلقه أن لا يطيعوه، ولذلك خرجت طائفة معنى الاذن إلى العلم وطائفة خرجته إلى الارشاد لقوم دون قوم وهو تخريج حسن لأن الله تعالى إذا علم من أحد أنه يؤمن وفقه لذلك. فكأنه أذن له. " انتهى " لا يلزم ما ذكره من أن الكلام عام اللفظ خاص المعنى لأن قوله: ليطاع، مبني للمفعول الذي لم يسم فاعله ولا يلزم من الفاعل المحذوف أن يكون عاماً فيكون التقدير ليطيعه العالم بل المحذوف ينبغي أن يكون خالصاً ليوافق الموجود فيكون التقدير أصله إلا ليطيعه من أراد طاعته.

وفي قوله: { بِإِذْنِ ٱللَّهِ } ، التفات. وهو الخروج من ضمير المتكلم في أرسلنا إلى الاسم الغائب والعامل في إذ خبر إنّ وهو جاؤوك.

{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } لا الأولى أكدت معنى النفي.

و { لاَ يُؤْمِنُونَ } جواب القسم وهو قوله: وربك. ونظيره في التأكيد قول الشاعر:
فلا وأبيك لا يلغى لما بي   ولا للما بهم أبداً دواء
وحتى هنا للغاية أي لا يصح إيمانهم إلى أن يحكموك وقد تكون حتى بمعنى إلا أن، وهذا أظهر من الغاية وشجر الأمر التبس يشجر شجوراً وشجراً وشاجر الرجل غيره في الأمر نازعه فيه وتشاجروا.

السابقالتالي
2