الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } * { يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }

{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } وهو نبيهم يشهد عليهم بما فعلوا كما قال: وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم، والأمة هنا من بعث إليهم النبي من مؤمن به وكافر لما أعلم تعالى بعدله وإيتاء فضله اتبع ذلك بأن نبه على الحالة التي يحضر فيها للجزاء ويشهد عليهم فيها. وكيف في موضع رفع ان كان المحذوف مبتدأ التقدير فكيف حال هؤلاء السابق ذكرهم أو كيف صنعهم وهذا المبتدأ العامل في خبره هو العامل في إذا أو في موضع نصب إن كان المحذوف فعلاً، أي فكيف يصنعون، أو فكيف يكونون. والفعل أيضاً هو العامل في إذا.

{ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } التنوين في يومئذٍ هو تنوين العوض، حذفت الجملة السابقة وعوض منها التنوين، والتقدير يومئذٍ جئنا.

وقرىء: تسوّى مبنياً للمفعول وتسوى بإِدغام التاء في السين وتسوى بحذف التاء ومعنى التسوية انهم يستوون مع الأرض فيكونون تراباً باهي كما قال في حق الكافريٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً } [النبأ: 40]. والعامل في يومئذٍ يود، ومفعول يود محذوف تقديره تسوية الأرض بهم، ودل عليه قوله: لو تسوى بهم الأرض. ولو: حرف لما كان سيقع لوقوع غيره وجوابه محذوف تقديره لسروا بذلك وحذف لدلالة يود عليه ومن أجاز في لو أن تكون مصدرية مثل انْ جوز ذلك هنا وكانت إذ ذاك لا جواب لها بل تكون في موضع مفعول يودّ.

{ وَلاَ يَكْتُمُونَ } معطوف على قوله: يودّ. أو تكون الواو للاستئناف التقدير وهم لا يكتمون الله تعالى وفي يوم القيامة مواطن كثيرة، يكتمون الله كقولهم:وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23] وموطن لا يكتمون، كقولهم: يا ليتنا، نرد الآية. { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } الآية، روى ان جماعة من الصحابة شربوا الخمر قبل تحريم الخمر وحانت الصلاة فتقدم أحدهم فقرأ قل يا أيها الكافرون فخلط فيها فنزلت. ومناسبتها لما قبلها أنه لما أمر تعالى بعبادته والإِخلاص فيها وأمر ببرّ الوالدين ومكارم الأخلاق وذم البخل واستطرد منه إلى شيء من أحوال القيامة وكان قد وقع من بعض المسلمين تخليط في الصلاة التي هي رأس العبادة بسبب شرب الخمر ناسب أن تخلص الصلاة من شوائب الكدر الذي يوقعها على غير وجهها فأمر تعالى بإِتيانها على وجهها دون ما يفسدها ليجمع لهم بين إخلاص عبادة الحق ومكارم الأخلاق التي بينهم وبين الخلق، وبالغ تعالى في النهي عن أن يصلي المؤمن وهو سكران بقوله: { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } لأن النهي عن قربان الصلاة أبلغ من قوله: لا تصلوا وأنتم سكارى ومنهوَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ } [الأنعام: 151]وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ } [الأنعام: 152، الإسراء: 34] والمعنى لا تغشوا الصلاة وعنى ذلك بقوله: حتى تعلموا.

السابقالتالي
2