الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } * { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }

{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } الآية مناسبتها لما قبلها ظاهرة لأنه تعالى لما ذكر الوعيد على فعل بعض الكبائر ذكر الوعد على اجتناب الكبائر والظاهر أن الذنوب تنقسم إلى كبائر وسيئات وهي التي عبّر عنها أكثر العلماء بالصغائر.

قال ابن عباس: الكبائر كلما ورد عليه وعيد بنار أو عذاب أو لعنة أو ما أشبهه ذلك وإلى نحو من هذا ذهب الوزير أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الفارسي القرطبي رحمه الله تعالى قال: قد أطلت التفتيش عن هذا منذ سنين فصح لي أن كل ما توعد الله عليه بالنار فهم من الكبائر ووجدناه عليه السلام قد أدخل في الكبائر بنص لفظه أشياء غير التي ذكر في الحديث يعني الذي في البخاري فمنها قول الزور وشهادة الزور وعقوق الوالدين والكذب عليه صلى الله عليه وسلم وتعريض المرء أبويه للسّبّ بأن يسبّ آباء الناس وذكر عليه السلام الوعيد الشديد بالنار على الكبر وعلى كفر نعمة المحسن في الحق، وعلى النياحة في المآتم، وحلق الشعر فيها، وحذق الجيوب، والنميمة، وترك التحفظ من البول، وقطيعة الرحم، وعلى الخمر؛ وعلى تعذيب الحيوان بغير الذكاة، لأكل ما لا يحل أكله منها أو ما أبيح أكله منها، وعلى إسبال الإزار على سبيل التجوه، وعلى المنّان بما يفعل من الخير، وعلى المنفق سلعته بالحلف الكاذب، وعلى مانع فضل مائة من الشارب، وعلى الغلول، وعلى مبايعة الأئمة للدنيا فإِن أعطى منها وفي لهم وإن لم يعط منها لم يوف لهم، وعلى المقتطع بيمينه حق امرىء مسلم، وعلى الامام الغاش لرعيته، وعلى من ادعى لغير أبيه، وعلى العبد الآبق، وعلى من غل، ومن ادعى ما ليس له، وعلى لا عن من لا يستحق اللعن، وعلى بغض الأنصار، وعلى تارك الصلاة، وعلى تارك الزكاة، وعلى بغض عليّ رضي الله عنه، ووجدنا الوعيد الشديد في نص القرآن قد جاء على الزناة وعلى المفسدين في الأرض بالحرابة فصح بهذا قول ابن عباس. انتهى كلام ابن حزم رضي الله عنه.

وقرىء: { مُّدْخَلاً } بضم الميم وهو مصدر أو مكان الادخال، وبفتح الميم وهو مكان الدخول أو مصدر وهو منصوب بفعل محذوف تقديره فتدخلون مدخلاً حذف الدلالة الفعل المطاوع عليه.

{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ } الآية قال قتادة والسدي: لما نزل للذكر مثل حظ الأنثيين قال الرجال: انا لنرجو أن نفضل على النساء في الحسنات كالميراث: وقال النساء: إنا لنرجو أن يكون الوزير علينا نصف ما على الرجال كالميراث فنزلت للرجال نصيب الآية. المعنى أن الله تعالى جعل لكل من الصنفين مكاسب تختص به فلا يتمنى أحد منهما ما جعل للآخر فجعل للرجال الجهاد والانفاق في المعيشة وحمل التكاليف الشاقة كالاحكام والامارة والحسبة وغير ذلك، وجعل للنساء الحمل ومشقته وحسن التبعل وحفظ غيب الزوج وخدمة البيوت.

السابقالتالي
2