الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } * { وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }

{ وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ } قيل نزلت في رجل غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ طلب المال فمنعه. واليتيم اسم لمن كان قبل البلوغ ويشترك في جمعه الذكور والإِناث والظاهر أن قوله: وآتوا، هو أمر لمن له ولاية على اليتامى والمعنى والله أعلم أنهم إذا كانوا غير رشداء كان معنى الإِيتاء إيصال ما يكفيهم من أقوالهم فمن بلغ منهم رشيداً كان إيتاؤه ماله واجباً.

{ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ } كان بعضهم يبدل الشاة السمينة من مال اليتيم بالهزيلة من ماله، والدرهم الطيب بالدرهم الزيف من ماله، فنهوا عن ذلك.

{ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ } هذا من باب التضمين ضمن تأكلوا معنى تضمّوا بالأكل فلذلك عدّاه بإِلى ودلّ قوله: إلى أموالكم ان المخاطبين أغنياء ذوو أموال وقد جاء ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف.

والضمير في: { إِنَّهُ } عائد على فعل المنهي عنه من التبديل والأكل.

{ كَانَ حُوباً } الحوب: الاثم، يقال: حاب يحوب حوباً وحوباً وحابا وحؤوبا وحيابة. { وَإِنْ خِفْتُمْ } الآية. في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: نزلت في أولياء اليتامى الذين يعجبهم جمال أوليائهم فيريدون أن يبخسوهن في المهر لمكان ولايتهم عليهن فقيل لهم: اقسطوا في مهورهن فمن خاف أن لا يسقط فليتزوج ما طاب له من الأجنبيات اللواتي يماكسن في حقوقهن ولما أمروا أن يؤتوا اليتامى كان في ذلك فريد اعتناء باليتامى واحتراز من ظلمهن فخوطب أولياء يتامى النساء أو الناس بقوله: وإن خفتم أن لا تقسطوا، والخوف هنا على بابه وهو الحذر، ومعنى في اليتامى في نكاح اليتامى وظاهره العموم كنّ بلّغا أو غير بلّغ، فإِن كان أريد به اليتيم الشرعي فينطلق على الصغيرات اللاتي لم يبلغن وقد منع من نكاحهن ابن شبرمة والأصم، وإن كان المراد به اليتيم اللغوي فيندرج فيه البالغات، والبالغة يجوز تزويجها بدون مهر المثل إذا رضيت فأي معنى للعدول إلى نكاح غيرها.

والجواب أن العدول إنما كان لأن الولي يستضعفها ويستولي على مالها وهي لا تقدر على مقاومته.

{ فَٱنكِحُواْ } أمر إباحة.

{ مَا طَابَ } ما هنا واقعة على النوع أي النوع الذي طاب لكم، ومن قال: ان ما هنا تقع على آحاد من يعقل جوّز ذلك هنا، وكانت ما هنا مثل من ولما كان قوله: ما طاب.

{ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } عاماً في الاعداد كلها خصّ ذلك بقوله:

{ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ } وظاهر هذا التخصيص تقسيم المنكوحات إلى أن لنا أن نتزوج اثنتين اثنتين وثلاثاً ثلاثاً وأربعاً أربعاً ولا يجوز لنا أن نتزوج خمساً خمساً ولا ما بعد ذلك من الأعداد، ولا يسوغ دخول أو هنا مكان الواو لأنه كان يصير المعنى أنهم لا ينكحون كلهم إلا على أحد أنواع العدد المذكور وليس لهم أن يجعلوا بعضه على تثنية وبعضه على تثليث وبعضه على تربيع لأن أو لأحد الشيئين أو الأشياء والواو تدل على مطلق الجمع فيأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها على طريق الجمع إن شاؤا مختلفين في تلك الأعداد وإن شاؤا متفقين فيها محظوراً عليهم ما زاد.

السابقالتالي
2 3