الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

{ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ } الجمهور على أن البرهان هو محمد صلى الله عليه وسلم وأطلق عليه برهان لما ظهر على يديه من الحجج والدلائل. والنور المبين هو القرآن.

{ يَسْتَفْتُونَكَ } وتقدم الكلام في الكلالة اشتقاقاً ومدلولاً وقال جابر: هي آخر آية نزلت. وفي الكلالة متعلق بيفتيكم وهو من أعمال الثاني لأن في الكلالة يطلبها يستفتونك ويفتيكم فاعمل الثاني. وبعض عوام القراء يقف على قوله: يستفتونك ويرى ذلك حسناً وهو لا يجوز لأن جهتي الأعمال متشبثة احداهما بالأخرى فلو قلت: ضربني، وسكتّ ثم قلت: وضربت زيداً، لم يجز إلا لإِنقطاع النفس.

وقوله: { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ } تفسير لحكم الكلالة. و { وَلَدٌ } يشمل الذكر والأنثى. وارتفع امرؤ على أنه فاعل بفعل محذوف يفسره ما بعده، والجملة من قوله: ليس له ولد، في موضع الصفة لامرؤ أي أن هلك امرؤ غير ذي ولد. وفيه دليل على جواز الفصل بين النعت والمنعوت بالجملة المفسرة في باب الاشتغال فعلى هذا تقول: زيداً ضربته العاقل، على أن العاقل صفة لزيد أُجْريت الجملة المفسرة في هذا الباب مجرى الجملة الخبرية في قولك: زيد ضربته العاقل، فكما جاز الفصل بالخبر جاز بالمفسر. ومنع الزمخشري أن يكون قوله: ليس له ولد جملة حالية من الضمير في هلك، فقال: ومحل ليس له ولد الرفع على الصفة لا النصب على الحال وأجاز ذلك أبو البقاء، فقال: ليس له ولد، الجملة في موضع الحال من الضمير في هلك.

{ وَلَهُ أُخْتٌ } جملة حالية أيضاً والذي يقتضيه النظر إن ذلك ممتنع وذلك ان المسند إليه حقيقة إنما هو الاسم الظاهر المعمول للفعل المحذوف فهو الذي ينبغي أن يكون التقييد له، اما الضمير فإِنه في جملة مفسرة لا موضع لها من الإِعراب فصارت كالمؤكدة لما سبق وإذا تجاذب الاتباع والتقييد مؤكد. ومؤكد فالحكم إنما هو للمؤكد إذ هو معتمد الاسناد الأصلي فعلى هذا لو قلت: ضربت زيداً، ضربتَ زيداً العاقل، أنبغى أن يكون العاقل نعتاً لزيداً في الجملة الأولى لا لزيداً في الجملة الثانية، لأنها جملة مؤكدة للجملة الأولى. والمقصود بالإِسناد إنما هو الجملة الأولى لا الثانية قيل: وثم محذوف للاختصار ودلالة الكلام عليه والتقدير ليس له ولد ولا والد وله أخت المراد بها الشقيقة أو التي لأب دون التي لام، لأن الله فرض لها النصف وجعل أخاها عصبة وقال: للذكر مثل حظ الأنثيين، وأما الأخت للأم فلها السدس في آية المواريث مُسَوى بينها وبين أخيها. والضمير في قوله: وهو، وفي يرثها، يعود إلى ما تقدم لفظاً دون معنى فهو من باب عندي درهم ونصفه لأن الهالك لا يرث، والحية لا تورث، ونظيره من القرآن: وما يعمر من معمر، ولا ينقص من عمره، وهذه الجملة مستقلة لا موضع لها من الإِعراب.

السابقالتالي
2 3