الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } * { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } * { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }

قال ابن عطية: وحذف جواب هذا الكلام بليغ متروك مع ذهن السامع. انتهى تسمية ما يتعلق به المجرور بأنه جواب اصطلاح لم يعهد في علم النحو ولا تساعده اللغة لأنه ليس بجواب. والظاهر في قوله: ويكفرهم، وقولهم: انه معطوف على قوله: فبما نقضهم، وما بعده على أن الزمخشري أجاز أن يكون قوله: وبكفرهم. وقولهم معطوفاً على بكفرهم وتكرر نسبة الكفر إليهم بحسب متعلقاته إذ كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فعطف بعض كفرهم على بعض. قال الزمخشري: أو عطف مجموع المعطوف على مجموع المعطوف عليه كأنه قيل فبجمعهم بين نقض الميثاق والكفر بآيات الله وقتل الأنبياء، وقولهم قلوبنا غلف، وجمعهم بين كفرهم وبهتهم مريم وافتخارهم بقتل عيسى عاقبناهم أو بل طبع الله عليها بكفرهم وجمعهم بين كفرهم وكذا وكذا.

وقال الزمخشري أيضاً: فإِن قلت: هلا زعمت أن المحذوف الذي تعلقت به الباء ما دل عليه قوله: بل طبع الله عليها، بكفرهم فيكون التقدير فبما نقضهم ميثاقهم طبع الله على قلوبهم بل طبع الله عليها بكفرهم.

قلت: لم يصح هذا التقدير لأن قوله: بل طبع الله عليها بكفرهم، ردوا إنكار لقولهم: قلوبنا غلف، فكان متعلقاً به " انتهى ". وهو جواب حسن ويمتنع من وجه آخر وهو أن العطف ببل يكون للإِضراب عن الحكم الأول وإثباته للثاني على جهة إبطال الأول أو الانتقال فاما في كتاب الله تعالى في الاخبار فلا يكون إلا للانتقال ويستفاد من الجملة الثانية ما لا يستفاد من الأولى، والذي قدره الزمخشري لا يسوغ فيه هذا الذي قدرناه لأن قوله: فبما نقضهم ميثاقهم، وكفرهم بآيات الله، وقولهم قلوبنا غلف، بل طبع الله على قلوبهم. هو مدلول الجملة التي صحبتها بل وهو قوله: { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ }. فأفادت الجملة الثانية ما أفادت الجملة الأولى وهو لا يجوز لو قلت: مر زيد بعمرو بل مر زيد بعمرو لم يجز. وقد أجاز ذلك أبو البقاء وهو أن يكون التقدير فبما نقضهم ميثاقهم وكذا وكذا طبع الله على قلوبهم، وقيل: التقدير فبما نقضهم ميثاقهم لا يؤمنون إلا قليلاً والفاء مقحمة وما في قوله: فبما، كهي في فبما رحمة، وتقدم الكلام عليها. والبهتان العظيم هو رميها عليها السلام بالزنا مع رؤيتهم الآية في كلام عيسى عليه السلام في المهد، وقولهم رسول الله هو على سبيل الاستهزاء منهم. كقول فرعون: إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون. وفي الكلام حذف تقديره وصلبناه ولذلك نفاه في قوله تعالى: { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ } وهذا إخبار منه تعالى بأنهم ما قتلوا عيسى ولا صلبوه.

السابقالتالي
2