الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً } * { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } * { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ وَلاَ إِلَى هَـٰؤُلاۤءِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً }

{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } الظاهر أنه خطاب للمؤمنين الذي يجالسون المنافقين، ولذلك قال:

{ فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ } نهوا عن القعود ولذلك جاء بعده إنكم إذا مثلهم وإن في قوله: إنْ إذا مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف تقديره انه، والجملة بعده الشرطية خبر انْ وجوابه فلا تقعدوا وحتى غاية نهوا عن أن يقعدوا معهم إلا في وقت يخوضون في غير الكافر والاستهزاء، وإذا في قوله: إنكم إذا مثلهم، توسطت بين اسم ان وخبرها ومعناها معنى الشرط تقديره إنكم إن قعدتم معهم مثلهم.

{ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ } لما اتخذوهم في الدنيا أولياء جمع بينهم في الآخرة في النار والمرء مع من أحب وهذا توعد منه تعالى تأكد به التحذير من مخالطتهم ومجالستهم.

{ ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } الآية، الاستحواذ، الاستيلاء والتغلب. ويقال: حاذ يحوذ حوذاً وأحاذ، وكان القياس أن يقال: استحاذ، كما يقال: استطال، ولكنها شذت هذه اللفظة فصحت العين وهي الواو فلم تقلب الفا كما قلبت في استقام وأصله استقوم. ومعنى الآية الذين ينتظرون بكم ما يتجدد من الأحوال من ظفر لكم أو بكم.

{ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } مظاهرين والمعنى فأسهموا لنا بحكم انا مؤمنون.

{ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ } أي اليهود.

{ نَصِيبٌ } أي نيل من المؤمنين.

{ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } أي ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم وابقينا عليكم.

{ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بأن ثبطناهم عنكم فأسهموا لنا بحكم انا نواليكم فلا نؤذيكم ولا نترك أحداً يؤذيكم.

{ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } يحتمل أن يكون ثم معطوف محذوف تقديره وبينهم ويحتمل أن لا عطف ويكون قوله بينكم شاملاً للمؤمنين والكفار، وغلب فيه الخطاب. وقوله: سبيلاً، يعني في الآخرة، وقيل: سبيلاً أي استيلاء على بيضة الإِسلام في الدنيا ومعنى هو خادعهم أي منزل الخدع بهم وهذه عبارة عن عقوبة سماها باسم الذنب فعقوبتهم في الدنيا ذلهم وخوفهم، وفي الآخرة عذاب جهنم. وقرىء خادعهم بسكون العين.

و { كُسَالَىٰ } جمع كسلان وفعلان، هذا يجمع على فعالى كهذا وعلى فعالى كغضبان وغضابا. والكسل: الفتور عن الشيء والتواني فيه، وهو ضد النشاط. وقال بعضهم في ذم الفلاسفة: وما انتسبوا إلى الإِسلام إلا لصون دمائهم ان لا تسألا، فيأتون المناكر في نشاط، ويأتون الصلاة وهم كسالى.

وانتصب قليلاً على أنه نعت لمصدر محذوف تقديره إلا ذكراً قليلاً، قال الزمخشري: يجوز أن يراد بالقلة العدم. " انتهى ". لا يجوز أن يراد به هنا العدم لأن الاستثناء يأباه وقد رددنا هذه القول عليه وعلى ابن عطية في هذه السورة.

{ مُّذَبْذَبِينَ } أي مقلقين.

{ بَيْنَ ذٰلِكَ } أي بين الإِيمان والكفر وذلك هو اسم إشارة مفرد وقد يشار به إلى اثنين، كما قال: عوان بين ذلك، أي بين الفارض والبكر.

السابقالتالي
2