الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } * { بَشِّرِ ٱلْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً }

{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية، قيل: نزلت في اختصام غني وفقير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ قَوَّٰمِينَ } صفة مبالغة في القيام.

{ بِٱلْقِسْطِ } وهو العدل.

{ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ } أي تشهدون على أنفسكم أي تقرون بالحق وتقيمون القسط عليها وانتصب شهداء على أنه خبر بعد خبر ومجيء لو هنا لاستقصاء جميع ما تمكن فيه الشهادة لما كانت الشهادة من الانسان على نفسه بصدد أن لا يقيمها لما جبل عليه المرء من محاباة نفسه ومراعاتها نبه على هذه الحال وجاء هذا الترتيب في الاستقصاء في غاية من الحسن والفصاحة. فبدأ بقوله: ولو على أنفسكم لأنه لا شيء أعز على الإِنسان من نفسه ثم ذكر الوالدين وهما أقرب إلى الإِنسان وسبب نشأته، وقد أمر ببرهما وتعظيمهما والحوطة لهما، ثم ذكر الأقربين وهم فطنة المحبة والتعصب وإذا كان هؤلاء أمر بالقيام في حقهم بالقسط والشهادة عليهم فالأجنبي أحرى بذلك. ويتعلق قوله: على أنفسكم، بمحذوف لأن التقدير وإن كنتم شهداء على أنفسكم فكونوا شهداء لله، هذا تقدير الكلام. وقال ابن عطية: ولو على أنفسكم متعلق بشهداء. " انتهى ".

إن عنى بشهداء هذا الملفوظ به فلا يصح ذلك وإن عنى الذي قدرناه نحن فيصح.

وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون المعنى وإن كانت الشهادة وبالاً على أنفسكم أو على آبائكم وأقاربكم وذلك أن يشهد على من يتوقع ضرره من سلطان ظالم أو غيره. " انتهى ".

وما قاله لا يجوز لأن ما تعلق به الظرف كون مقيد ولا يجوز حذف الكون المقيد. لو قلت: كان زيد فيك، وأنت تريد محباً فيك، لم يجز لأن محباً كون مقيد وإنما ذلك جائز في الكون المطلق وهو تقدير كائن أو مستقر.

{ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } أي إن يكن المشهود عليه غنياً فلا يمتنع من الشهادة عليه لغناه أو فقيراً فلا يمنعها ترحماً عليه وإشفاقاً فعلى هذا الجواب محذوف لأن العطف هو بأو ولا يثنى الضمير إذا عطف بها بل يفرد وتقدير الجواب فليشهد عليه ولا يراعي الغني لغناه أو لخوف منه ولا الفقير لمسكنته وفقره ويكون قوله: فالله أولى بهما، ليس هو الجواب بل لما جرى ذكر الغني والفقير عاد الضمير على ما دل عليه ما قبله، كأنه قيل: فالله أولى بجنس الغني والفقير، أي بالأغنياء والفقراء. وفي قراءة أبيّ: فالله أولى بهم ما يشهد بإِرادة الجنس. وذهب الأخفش وقوم إلى أن أوْفي معنى الواو فعلى قولهم يكون الجواب فالله أولى بهما حيث شرع الشهادة عليهما وهو أنظر لهما منكم ولولا أن الشهادة عليهما مصلحة لهما لما شرع.

السابقالتالي
2