الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }

{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ } الآية، سبب نزولها أن قوماً من الصحابة سألوا عن أمر النساء وأحكامهن في المواريث وغير ذلك ولما كان النساء مطرحاً أمرهن عند العرب في الميراث وغيره وكذلك اليتامى أكّد الحديث فيهن مراراً ليرجعوا عن أحكام الجاهلية. وتقوم في صدر السورة شيء من أحكام النساء والمواريث وعادة العرب إذا ذكرت شيئاً أن تستطرد إلى شيء آخر ثم ترجع إلى الأول والاستفتاء: طلب الفتيا وهو ما يتضح به الحكم المطلوب، والاستفتاء ليس في ذوات النساء وإنما هو عن شيء من أحكامهن ولم يبين فهو مجمل. ومعنى يفتيكم فيهن: يبين لكم حال ما سألتم عنه وحكمه. وعن عائشة رضي الله عنها قيل: نزلت هذه الآية يعنيوَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ } [النساء: 3] أولاً، ثم سأل ناس بعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر النساء فنزلت: { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ }. وفي إعراب ما في قوله: وما يتلى عليكم، جوزوا وجوهاً منها الرفع عطفاً على لفظة الله وعطفاً على الضمير المستكن في يفتيكم وعلى الابتداء وخبره محذوف تقديره في يتامى النساء يبينّ لكم. وقيل: الخبر في الكتاب وجوزوا في ما النصب تقديره ويبين لكم ما يتلى عليكم وجوزوا أحكامهن في ما أيضاً الجر من وجهين، أحدهما: أن تكون الواو للقسم، وقاله الزمخشري. والثاني: أن يكون معطوفاً على الضمير المجرور في فيهن، وقاله محمد بن أبي موسى، وهو الذي نختاره وإن كان لا يجيزه البصريون إلا في الشعر. وقد أجازه الكوفيون في الكلام وقد استدللنا على صحة مذهبهم عند الكلام على قوله:وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } [البقرة: 217].

قال الزمخشري: ليس بسديد ان بعطف على المجرور في فيهن لاختلاله من حيث اللفظ والمعنى. " انتهى ". الذي اختاره هذا الوجه وإن كان مذهب جمهور البصريين إن ذلك لا يجوز إلا في الشعر وقد ذكرت دلائل الجواز عند قوله:وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } [البقرة: 217]. وليس مختلاً من حيث اللفظ لأنا قد استدللنا على جواز ذلك ولا من حيث المعنى كما زعم الزمخشري بل المعنى عليه ويكون على تقدير حذف أي يفتيكم في متلوهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء. وحذف لدلالة قوله: وما يتلى عليكم في الكتاب. وإضافة متلو إلى ضميرهن سائغة إذ الإِضافة تكون بأدنى ملابسة لما كان متلوا فيهن صحت الاضافة إليهن، كما جاء:بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ } [سبأ: 33]، لما كان المكر يقع فيهما صحت الإِضافة إليهما. ومن ذلك قول الشاعر:
إذا كوكب الخرقاء لاح بسمرة   
وأما قول الزمخشري: لاختلاله في اللفظ والمعنى فهو قول الزجاج بعينه. قال الزجاج: وهذا بعيد بالنسبة إلى اللفظ وإلى المعنى، أما اللفظ فإِنه يقتضي عطف المظهر على المضمر وذلك غير جائز كما لم يجز في قوله:

السابقالتالي
2 3