الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

{ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ } الآية. لما أبهم في قوله: نصيب مما ترك الولدان والأقربون، في المقدار والأقربين، بيّن في هذه الآية المقادير ومن يرث من الأقربين وبدأ بالأولاد وارثهم من والديهم كما بدأ في قوله:لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ } [النساء: 7]، بهم وفي قوله: في أولادكم إجمال، أيضاً بينه بعد وبدأ بقوله:

{ لِلذَّكَرِ } وتبيين ماله دلالة على فضله وكان تقديم الذكر أدل على فضله من ذكر بيان نقص الأنثى عنه ولأنهم كانوا يورثون الذكور دون الإِناث فكفاهم أن ضوعف لهم نصيب الإِناث فلا يحرمن إذ هن يدلين بمثل ما يدلون من الوالدية، وقد اختلف القول في سبب النزول ومضمن أكثر تلك الأقوال أنهم كانوا لا يورثون البنات كما تقدم فنزلت تبييناً لذلك ولغيره.

{ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } ظاهر هذا التقسيم إن ما زاد على الثنتين من الأولاد يرثن الثلثين مما ترك مورّثهما. وظاهر السياق انحصار الوارث فيهن. ولما كان لفظ الأولاد يشمل الذكور والإِناث وقصد هنا بيان حكم الإِناث أخلص الضمير للتأنيث إذ الإِناث أحد قسمي ما ينطلق عليه الأولاد فعاد الضمير على أحد القسمين. والضمير في كن ضمير الإِناث كما قلنا أي، فإِن كان الوارثات نساء حسن كونه خبر الوصف بقوله بفوق اثنتين.

وأجاز الزمخشري أن يكون نساء خبراً وفوق خبراً ثانياً لكان، وليس بشيء لأن الخبر لا بد أن تستقل به فائدة الإِسناد ولو سكت على قوله: فإِن كن نساء لكان نظير إن كان الزيدون رجالاً وهذا ليس بكلام.

وقال بعض البصريين: التقدير وإن كان المتروكات نساء فوق اثنتين وقدره الزمخشري البنات أو المولودات.

وقال الزمخشري: فإِن قلت: هل يصح أن يكون الضمير إن في كن وكانت مبهمين ويكون نساء وواحدة تفسيراً لهما على ان كان تامة؟ قلت: لا أبعد ذلك. " انتهى ".

ويعني بالابهام أنهما لا يعودان على مفسر متقدم بل يكون مفسرهما هو المنصوب بعدهما وهذا الذي لم يبعده الزمخشري هو بعيد أو ممنوع البتة لأن كان ليست من الأفعال التي يكون فاعلها مضمراً يفسره ما بعده بل هذا مختص من الأفعال بنعم وبئس. وما حمل عليهما وفي باب التنازع على ما قرر في النحو. ومعنى فوق أكثر من اثنتين بالغات ما بلغن من العدد فليس لهن إلا الثلثان ومن زعم أن معنى قوله: نساء فوق اثنتين اثنتين فما فوقهما وإن قوة الكلام تقتضي ذلك كابن عطية أو انّ فوق زائدة مستدلاً بأن فوق قد زيدت في قوله:فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ } [الأنفال: 12]، فلا يحتاج في رد ما زعم إلى حجة لوضوح فساده وذكروا أن سهم البنتين في الميراث الثلثان كالبنات قالوا: ولم يخالف في ذلك إلا ابن عباس فإِنه يرى لهما النصف إذا انفردا كحالهما إذا اجتمعا مع الذكر وورد في الحديث في قصة أوس بن ثابت، انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى البنتين الثلثين.

السابقالتالي
2 3 4