الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَٰغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً } * { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

قوله: { مُرَٰغَماً كَثِيراً وَسَعَةً } قيل: نزلت في اكتم بن صيفي ولما رغب تعالى في الهجرة ذكر ما يترتب عليها من وجود السعة والمذاهب الكثيرة ليذهب عنه ما يتوهم وجوده في الغربة ومفارقة الوطن من الشدة، وهذا يقرر ما قالته الملائكة:أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا } [النساء: 97] معنى مراغماً: متحولاً ومذهباً، قاله ابن عباس. وقرأ الجراح ونُيَح والحسن بن عمران مرغماً على وزن مفعل كمذهب. وقال ابن جنى: هو على حذف الزوايد من راغم والسعة هنا في الرزق، قاله ابن عباس.

{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } الآية، روى مجاهد عن ابن عباس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد فقال المشركون: لقد أصبنا غرّة لو حملنا عليهم وهم في الصلاة فنزلت آية القصر فيما بين الظهر والعصر، والضرب في الأرض السفر. والظاهر جواز القصر في مطلق السفر وبه قال أهل الظاهر. واختلف فقهاء الأمصار في حد المسافة بما هو مذكور في كتبهم. وقرىء تقصروا من قصر وتقصروا من أقصر وتقصروا من قصر، وقوله: من الصلاة، مجمل إذ يحتمل القصر من عدد الركعات والقصر من هيئات الصلاة ويرجع في ذلك إلى ما صح في الحديث. وقوله: إن خفتم ظاهره اشتراط الخوف في القصر من الصلاة وإلى ذلك ذهب جماعة. والحديث الصحيح يدل على أن هذا الشرط لا مفهوم له فلا فرق بين الأمن والخوف.

{ أَن يَفْتِنَكُمُ } لغة الحجاز فتن ولغة تميم وربيعة وقيس أفتن.

{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلاَةَ } الآية استدل بظاهر الخطاب للرسول عليه السلام من لا يرى صلاة الخوف بعده صلى الله عليه وسلم حيث شرط كونه فيهم وكونه هو المقيم لهم الصلاة وهو مذهب ابن عليّة وأبي يوسف. والظاهر أن صلاة الخوف لا تكون إلا في السفر ولا تكون في الحضر وان كان خوف وذهب إليه قوم. وذهب الجمهور إلى أن الحضر إذا كان خوف كالسفر. ومعنى فأقمت لهم الصلاة، قال الطبري: أقمت حدودها وحياتها والذي يظهر أن المعنى فأقمت بهم وعبر عن ذلك بالإِقامة إذ هي فرض على المصلي في قول. ومعنى فلتقم هو من القيام وهو الوقوف، وقيل: فلتهتم بأمر صلاتها حتى تقع على وفق صلاتك من قام بالأمر اهتم به وجعله شغله والظاهر أن الضمير في وليأخذوا أسلحتهم عائد على طائفة لقربها من الضمير ولكونها لها في ما بعد في قوله: فإِذا سجدوا، معناه صلوا، وفيه دليل على أن السجود قد يعبر به عن الصلاة ومنه إذا جاء أحدكم المسجد فليسجد سجدتين أي فليصل ركعتين.

{ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ } ظاهره أن الضمير في فليكونوا عائد على الساجدين والمعنى أنهم إذا فرغوا من السجود انتقلوا إلى الحراسة والسلاح هو ما يتحصن به الإِنسان من سيف ورمح وخنجر ودبوس ونحو ذلك، وهو مفرد مذكر جمعه على أسلحة كحمار وأحمرة، وقد يؤنث.

السابقالتالي
2