{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } هذه السورة مكية بلا خلاف ولما ذكر تعالى في آخر السورة التي قبلها هلاك المشركين وأنزلهم منازل العذاب تعين على المؤمنين حمده تعالى وشكره لنعمائه ومعنى رسلاً بالوحي وغيره من أوامره ولا يريد جمع الملائكة لأنهم ليسوا كلهم رسلاً فمن الرسل جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهم السلام والملائكة المتعاقبون والملائكة المسددون حكام العدل وغيرهم كالملك الذي أرسله الله تعالى إلى الأعمى والأبرص والأقرع وأجنحة جمع جناح وتقدم الكلام على مثنى وثلاث ورباع في النساء. { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } تقرير لما يقع في النفوس من التعجب والاستغراب من خبر الملائكة أولي الأجنحة أي ليس هذا ببدع في قدرة الله تعالى فإِنه يزيد في خلقه ما يشاء. { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ } الفتح والإِرسال استعارة للإِطلاق. { فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ } مكان لا فاتح له والمعين أي شىء يطلق الله من رحمته أي من نعمه رزق أو مطر أو غير ذلك من صنوف نعمائه التي لا يحاط بعددها والعموم مفهوم من إسم الشرط ومن رحمة لبيان ذلك العام من أي صنف هو وهو مما اجتزىء فيه بالكرة المفردة على الجمع المعرف المطابق في العموم لإِسم الشرط وتقديره من الرحمات ومن في موضع الحال أي كائناً من الرحمات ولا يكون في موضع الصفة لأن إسم الشرط لا يوصف والظاهر أن قوله: وما يمسك عام في الرحمة وفي غيرها لأنه لم يذكر له تبين فهو باق على العموم في كل ما يمسك فإِن كان تفسيره من رحمة وحذفت لدلالة الأول عليه فيكون تذكير الضمير في فلا مرسل له من بعده حملاً على لفظ ما وأنث في فلا ممسك لها حملاً على معنى ما لأن معناها الرحمة وقرىء: فلا مرسل لها بتأنيث العجز وهو دليل على أن التفسير هو من رحمة وحذف لدلالة ما قبله عليه. { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } خطاب لقريش وهو متجه لكل مؤمن وكافر ثم استفهم على جهة التقرير. { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ } أي فلا إله إلا الخالق لا ما تعبدون أنتم من الأصنام وقرىء: غير بالخفض نعتاً على اللفظ وغير بالرفع نعتاً على الموضع ومن زائدة. وخالق مبتدأ وخبره محذوف لدلالة المعنى تقديره لكم. { وَإِن يُكَذِّبُوكَ } تقدم الكلام عليه. { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } شامل لجميع ما وعد من ثواب وعقاب وغير ذلك. { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ } تقدم الكلام عليه في لقمان. { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ } عداوته سبقت لأبينا آدم عليه السلام. و { لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } اللام فيه للتعليل فدعاؤه حزبه ليشتركوا معه في النار ولتظهر ثمرة إغوائه ثم اتبع حزبه بما أعد لهم من العذاب وذكر بعد ذلك ما أعد لأهل الإِيمان ليظهر التباين بين الفريقين.