الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } * { قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ } * { قُلْ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَلاَ بِٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلاَلَ فِيۤ أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ }

{ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } استثناء مفرغ فالمستثنى منه محذوف تقديره ولا تنفع الشفاعة إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم.

قال ابن عطية: تظاهرت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قوله حتى إذا فرغ إنما هي في الملائكة إذا سمعت الوحي إلى جبريل عليه السلام وبالأمر يأمر الله تعالى به سمعت كجر سلسلة الحديد على الصفوان فتفزع عند ذلك تعظيماً وهيبة.

{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ } الآية خطاب للكفار وسؤال لهم عمن يرزقهم وأمره تعالى أن يجيب عاملاً بقوله: { قُلِ ٱللَّهُ } إذا قد يصدر منهم العناد فلا يقولون الله ولا يمكن أن يقولوا آلهتهم.

قوله:

وأنا الضمير عائد للمؤمنين أو إياكم ضمير الكفار لعلى هدى راجع للمؤمنين أو في ضلال راجع للكفار وأورد ذلك باوالتي تقتضي الترديد بين شيئين وإن كان في العقل التمييز بين الشيئين ومعلوم أن المؤمن لا يتساوى مع الكافر ومما يشبه هذا قول الشاعر:
فأين ما وأيك كان شراً   
فسيق إلى المقادة في هو ان فردد بينه وبين مخاطبه في الشر ومعلوم عنده أن صاحبه هو الشر.

{ قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا } أطلق على عمل المؤمن إجراماً باعتقاد الكافر فيه ذلك.

{ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا } أي يوم القيامة.

{ ثُمَّ يَفْتَحُ } أي يحكم بالحق بالعدل فيدخل المؤمنين الجنة والكفار النار والفتاح والعليم صيغتا مبالغة وهذا فيه تهديد وتوبيخ.

{ إِلاَّ كَآفَّةً } قيل هو حال من الضمير في أرسلناك والهاء للمبالغة كقولهم علامة للرجل كثير العلم والمعنى إلا جامعاً للناس في الإِبلاغ وقيل فيه تقديم وتأخير والتقدير إلا للناس كافة ومعناها جميعاً فيكون حالاً من الناس ومعناها التوكيد كأنه قيل للناس كلهم قال الزمخشري: إلا كافة للناس أي إلا إرساله عامة لهم محيطة بهم لأنها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم قال: ومن جعله حالاً من المجرور متقدماً عليه فقد أخطأ لأن تقدم حال المجرور عليه في الإِحاطة بمنزلة تقدم المجرور على الجر ولم ترني من مرتكب هذا الخطأ ثم لا ينتفع به حتى يضم إليه أن يجعل اللام بمعنى إلى لأنه لا يستوي له الخطأ الأول إلا بالخطأ الثاني فلا بد له من ارتكاب الخطأين " انتهى ".

أما قوله كافة بمعنى عامة والمنقول عن النحويين أنها لا تكون إلا حالاً ولم يتصرف فيها بغير ذلك فجعلها صفة لمصدر محذوف خروج عما فعلوا ولا يحفظ أيضاً استعمالها صفة لموصوف محذوف.

وأما قول الزمخشري: ومن جعله حالاً إلخ...

فذلك مختلف فيه ذهب الأكثرون إلى أن ذلك لا يجوز وذهب أبو علي وابن كيسان وابن برهان ومن معاصرينا ابن مالك إلى أنه يجوز وهو الصحيح ومن أمثلة أبي علي زيد خير ما يكون خير منك التقدير زيد خير منك خير ما يكون فجعل خير ما يكون حالاً من الكاف في منك وقدمها عليه وقال الشاعر:

السابقالتالي
2 3