الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { يَحْسَبُونَ ٱلأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي ٱلأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَآئِكُمْ وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ مَّا قَاتَلُوۤاْ إِلاَّ قَلِيلاً } * { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } * { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } * { مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً } * { لِّيَجْزِيَ ٱللَّهُ ٱلصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً } * { وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً } * { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } * { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } * { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً } * { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً }

{ أَشِحَّةً } جمع شحيح وهو البخيل وهو جمع لا ينقاس وقياسه في الصفة المضعفة العين واللام أفعلاء نحو خليل وأخلاء فالقياس أشحاء وهو مسموع أيضاً والصواب أن يعم شحهم بكل ما فيه منفعة للمؤمنين فإِذا جاء الخوف من العدو وتوقع أن يستأصل أهل المدينة لاذ هؤلاء المنافقون بك * ينظرون نظر الهلوع المختلط النظر الذي يغشى عليه من الموت * وتدور في موضع الحال أي دائرة أعينهم.

{ كَٱلَّذِي } في موضع الصفة لمصدر محذوف وهو مصدر مشبه أي دوراناً كدوران عين الذي يغشى عليه فبعد الكاف محذوفان وهما دوران وعين.

{ سَلَقُوكُمْ } أي بسطوا ألسنتهم فيكم.

{ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ } إشارة إلى ما حصل للمؤمنين من الظفر والغنيمة.

{ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ } إشارة إلى المنافقين أي لم يكن لهم قط إيمان والإِحباط عدم قبول إيمانهم فكأنها محيطة قال الزمخشري: فإِن قلت هل ثبت للمنافق عمل حتى يرد عليه الإِحباط قلت لا ولكنه تعليم لمن عسى يظن أن الإِيمان إلخ " انتهى " وفي كلامه عسى صلة لمن وهو لا يجوز.

{ يَحْسَبُونَ ٱلأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ } جملة في موضع المفعول الثاني ليحسبون أي هم من الجزع بحيث هزم الله الأحزاب فرحلوا وهم يحسبون أنهم لم يرحلوا.

{ وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ } كرة ثانية تمنوا لخوفهم بما منوا به هذه الكرة أنهم مقيمون في البدو مع الأعراب وهم أهل العمود يرحلون من قطر إلى قطر.

{ يَسْأَلُونَ } من قدم من المدينة عما جرى عليكم من قتال الأحزاب يتعرفون أحوالكم بالاستخبار لا بالمشاهدة فرقاً وجبناً وغرضهم من البداوة أن يكونوا سالمين من القتال ولو كانوا فيكم ولم يرجعوا إلى المدينة وكان قتال لم يقاتلوا إلا قليلاً لعله رياءً وسمعة.

{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } الظاهر من قوله لكم عموم الخطاب للمؤمن ولمن يظهر الإِيمان والأسوة القدوة وقرىء بضم الهمزة وكسرها ولمن بدل من قوله لكم بدل بعض من كل فكما نصركم ووازركم حتى قاتل بنفسه عدوكم يجب عليكم أن تنصروه وتوازروه ولا ترغبوا بأنفسكم عن نفسه ولا عن مكان هو فيه قال الزمخشري: لمن كان يرجو بدل من لكم كقوله: للذين استضعفوا لمن آمن " انتهى " ولا يجوز على مذهب جمهور البصريين أن يبدل من ضمير المتكلم ولا من ضمير المخاطب إسم ظاهر في بدل الشىء من الشىء وهما لعين واحدة وأجاز ذلك الكوفيون والأخفش ويدل عليه قول الشاعر
بكم قريش كفينا كل معضلة   وأمّ نهج الهدى من كان ضليلاً
ولما بين تعالى حال المنافقين وقولهم:مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } [الأحزاب: 12] بين حال المؤمنين وقولهم: صفة ما قال المنافقون وعن ابن عباس، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه

السابقالتالي
2 3 4