الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ } * { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } * { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ } * { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

{ فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ } أي علامات واضحات منها مقام إبراهيم الحجر الذي قام عليه والحجر الأسود والحطيم وزمزم وأمن الخائف وهيبته وتعظيمه في قلوب الناس وأمر الفيل ورمى طير الله عنه بحجارة السجيل وكف الجبابرة على وجه الدهر وإذ عان نفوس العرب لتوقير هذه البقعة دون ناه ولا زاجر وجباية الأرزاق إليه وهو بواد غير ذي زرع وحمايته من السيول ودلالة عموم المطر إياه من جميع جوانبه على خصب آفاق الأرض فإِن كان المطر من جانب أخصب الأنف الذي يليه وارتفع آيات على الفاعلية بالجار والمجرور التقدير كائناً فيه آيات والضمير في فيه عائد على البيت وذلك على سبيل الاتساع إذ الآيات التي تقدم ذكرها كائنة في البيت وفي الحرم الذي فيه البيت.

قال الزمخشري: فإِن قلت كيف أجزت أن يكون مقام إبراهيم دالاً من عطف بيان الآيات وقوله: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } جملة مستأنفة اما ابتدائية وإما شرطية قلت: أجزت ذلك من حيث المعنى لأن قوله: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } دل على أمن داخله فكأنه قيل فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن داخله ألا ترى أنك لو قلت فيه آية بينة كان في معنى قولك فيه آية بينة أمن من دخله " انتهى ".

وليس ما ذكره بواضح لأن تقديره وأمن داخله هو مرفوع عطفاً على مقام إبراهيم وفسر بهما الأيات والجملة من قوله: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } لا موضع لها من الإِعراب فتدافعا إلا أن اعتقد أن ذلك معطوف على محذوف يدل عليه ما بعده فيمكن التوجيه، فلا يجعل قوله: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } في معنى وأمن داخله إلا من حيث تفسير المعنى لا تفسير اللفظ والإِعراف ولم يذكر الزمخشري في إعراب مقام إبراهيم إلا أنه عطف بيان لقوله: { ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ } ورد عليه ذلك لأن آيات نكرة ومقام إبراهيم معرفة ولا يجوز التخالف في عطف البيان وقوله: مخالف لإِجماع الكوفيين والبصريين فلا يتلتف إليه وحكم عطف البيان عند الكوفيين حكم النعت فتتبع النكرة والمعرفة المعرفة وقد تبعهم في ذلك أبو علي الفارسي. وأما عند البصريين فلا يجوز إلا أن يكونا مقرنين ولا يجوز أن يكونا نكرتين وما أعربه الكوفيون ومن وافقهم عطف بيان وهو نكرة على النكرة قبله أعربه البصريون بدلاً ولم يقم لهم دليل على تعيين عطف البيان في النكرة وكل من وقفنا على كلامه جعل مقام إبراهيم تابعاً لآيات على توضيح كثرتها في المقام منها تأثير قدميه في حجر صلد وغوصه فيه إلى الكعبين وإلانة بعض الحجر دون بعض وإبقاؤه دون سائر آيات الأنبياء عليهم السلام وحفظه مع كثرة أعدائه من المشركين ألوف سنين، والذي اخترناه في إعرابه في الكتاب الكبير البحر الذي هو مختصره أن يكون ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدها مقام إبراهيم أو يكون ارتفاعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره منها مقام إبراهيم والذي اختاره الآن أنه ليس متعلقاً بقوله: آيات بينات، ولا تفسيراً لها لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، بل هو عندي بدل أو عطف بيان من الموصول الذي هو خبر ان وكأنه قيل: ان أول بيت موضع للناس لمقام إبراهيم.

السابقالتالي
2 3 4