الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ }

{ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } جعل طاعة الرسول طاعة لله كما قال في من يطع الرسول فقد أطاع الله.

و { تَوَلَّوْاْ } يجوز أن يكون مضارعاً حذفت منه التاء أي فإِن تتولوا وهو خطاب مناسب لقوله: أطيعوا، ويجوز أن يكون ماضياً والمراد به الإِستقبال فيكون انتقالاً من خطاب في أطيعوا إلى غيبة في قوله: تولوا، إهانة لهم. ونفي محبته تعالى للكافرين وهو إشعار بالعلية فلا يندرج فيه المؤمن العاصي.

{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ } الآية مناسبتها لما قبلها انه لما ذكر أنه لا يحب الكافرين ذكر من اصطفاه تعالى فبدأ بآدم وهو أبو البشر وأولهم، وأتبعه بنوح وهو اسم أعجمي وهو آدم الثاني إذ البشر كلهم من ولده سام وحام ويافت، ثم ذكر آل إبراهيم فاندرج فيهم من كان منهم من الأنبياء وخصوصاً محمد صلى الله عليه وسلم، ثم آل عمران وعمران اسم أعجمي واستطرد إلى قصة مريم ويدل عليه تكراره في قوله: إذ قالت امرأة عمران وصار نظير تكرار الإِسم في جملتين فيسبق الذهن إلى أن الثاني هو الأول، نحو: أكرم زيداً ان زيداً رجل صالح وانتصب ذرية على أنه بدل مما قبله وقيل على الحال. ومعنى من بعض متشعبة ترجع إلى أصل واحد. وقرىء ذرية بكسر الذال والظاهر أن الختم بقوله: سميع عليم مناسب لآل إبراهيم وآل عمران لأن إبراهيم دعا بدعوات كثيرة تقبلها الله منه وكذلك امرأة عمران في قصة مريم.

{ إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ } اسمها حنة بالحاء المهملة وشدّ النون وهي بنت فاقود وقبرها بظاهر دمشق. وقيل: لم يسم بحنّة في العرب. وقال عبد الغني بن سعيد: حنّة أم عَمرو يروي حديثها ابن جريج.

{ لَكَ } أي لعبادتك ولخدمتك. { مَا فِي بَطْنِي } ما مبهمة يحتمل أن يكون ذكراً أو أنثى وإن كان الغالب أن يكون المنذور ذكراً ولذلك قالت: { مُحَرَّراً } بصفة الذكر ومعناه مخلصاً للعبادة والخدمة.

{ فَتَقَبَّلْ مِنِّي } التقبل أخذ الشيء على الرضا به { إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ } لدعائي. { ٱلْعَلِيمُ } بنيتي وإذ منصوبة باذكر. وقيل بقوله: وآل عمران على تقدير واصطفى آل عمران فيكون من عطف الجمل لا من عطف المفردات. وقال الزمخشري تابعاً للطبري: سميع عليم لقول امرأة عمران ونيتها وإذ منصوب به. " انتهى " ولا يصح ذلك لأن قوله: عليم، إما أن يكون خبراً بعد خبر أو وصفاً لقوله: سميع، فإِن كان خبراً فلا يجوز الفصل به بين العامل والمعمول لأنه أجنبي منهما وإن كان وصفاً فلا يجوز أن يعمل سميع في الظرف لأنه قد وصف واسم الفاعل، وما جرى مجراه إذا وصف قبل أخذ معموله لا يجوز له إذ ذاك أن يعمل على خلاف لبعض الكوفيين في ذلك ولأن اتصافه تعالى بسميع عليم لا يختص ولا يتقيد بذلك الوقت وانتصب محرراً على أنه حال من ما والعامل فيه نذرت ويكون حالاً تقديرية ويبعد نصبه على الحال ويكون العامل فيه العامل في بطني، وهو الإِستقرار وكذلك يبعد انتصابه انتصار المصدر على أن معنى نذرت حررت.

السابقالتالي
2 3