الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } * { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } * { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ } * { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } * { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

{ رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا } سمع تعدت هنا إلى واحد: وينادى: صفة له. وإن آمنوا: تفسيره التقدير أي آمنوا، وقيل: مصدرية على تقدير إسقاط حرف الجر تقديره بأن آمنوا وعطف فآمنا بالفاء مؤذن بتعجيل القبول وتسبيب الإِيمان عن السماع من غير تراخ والمعنى فامنا بك أو بربنا.

و { ٱلأَبْرَارِ } جمع بار أو جمع بر. { عَلَىٰ رُسُلِكَ } أي على ألسنة رسلك. وانظر إلى حسن مجاورة هؤلاء الذاكرين المتفكرين فإِنهم خاطبوا الله بلفظة ربنا وهي إشارة إلى أنه ربهم، وأصلحهم وهيأهم للعبادة، فأخبروا أولاً بنتيجة الفكر وهو قولهم: ربنا ما خلقت هذا باطلاً، ثم سألوه أن يقيهم النار بعد تنزيهه عن النقائص وأخبروا عن حال من يدخل النار وهم الظالمون الذين لا يذكرون الله ولا يتفكرون في مصنوعاته، ثم ذكروا أيضاً ما أنتج لهم التفكر من إجابة الداعي إلى الإِيمان إذ ذاك مترتب على أنه تعالى ما خلق هذا الخلق العجيب باطلاً، ثم سألوه غفران ذنوبهم ووفاتهم على الإِيمان الذي أخبروا به في قولهم: فآمنا، ثم سألوا الله الجنة وأن لا يفضحهم يوم القيامة وذلك هو غاية ما سألوه. وتكرر لفظ ربنا خمس مرات كل ذلك على سبيل الاستعطاف وتطلب رحمة الله بندائه بهذا الاسم الشريف الدال على التربية والملك والاصلاح ولذلك تكرر هذا الاسم في قصة آدم ونوح وغيرهما وفي تكرار ربنا ربنا دلالة على جواز الإِلحاح في المسألة واعتماد كثرة الطلب من الله سبحانه وتعالى. وفي الحديث ألظوا بيا ذا الجلال والإِكرام. وقال الحسن: ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم.

{ فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ } استجاب بمعنى أجاب تقدم الكلام عليه في البقرة عند قوله:فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي } [الآية: 186] ولما كان تقدم قولهم: ربنا ربنا، جاء هنا ربهم ولم يأت اسم غيره ليكون المدعو هو المستجيب لهم.

{ أَنِّي لاَ أُضِيعُ } أي باني لا أضيع. وقرىء بأني بالباء. وقرىء اني بكسر الهمزة على إضمار القول كأنه قائلاً: اني على مذهب البصريين أو على تضمين استجاب معنى قال على مذهب الكوفيين. وقرىء أضيع مضارع أضاع. وقرىء أضيّع مضارع ضيّع. ومنكم في موضع الصفة لعامل ومن ذكر بدل من الضمير بدل بعضٍ من كل. وقوله: أو أنثى معطوف عليه ولا يجوز أن يكون بدلاً تفصيلياً لوجود أوْ لأنه لا يعطف فيه إلاّ بالواو. وكقول الشاعر:
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة   ورجل رمى فيها الزمان فشلت
فإِن جعلت أو بمعنى الواو جاز.

{ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } معناه تبيين شركة النساء مع الرجال فيما وعد الله به عباده العاملين.

{ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } روى أن أم سلمة قالت: يا رسول الله قد ذكر الله الرجال في الهجرة ولم يذكر النساء في شيء من ذلك.

السابقالتالي
2 3