الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } * { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ ٱلْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ }

{ لَتُبْلَوُنَّ } قيل نزلت في قصة عبد الله بن أبي حين. قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قرأ عليهم الرسول القرآن: إن كان حقاً فلا تؤذنا به في مجالسنا. ورد عليه عبد الله بن رواحة فقال: اغشنا به في مجالسنا يا رسول الله. والابتلاء: الاختبار، والضمير في لتبلون للمؤمنين خاطبهم بذلك ليستعدوا لما يرد عليهم من الابتلاء فيصبروا بخلاف من يأتيه الأمر فجأة فيشق عليه ما يرد بخلاف من استعد للشيء فإِنه يوطن نفسه على وقوعه، وقدم الأموال على الأنفس على سبيل الترقي إلى الأشرف أو على سبيل الكثرة لأن الرزايا في الأموال أكثر من الرزايا في الأنفس، والأذى اسم جمع في معنى الضرر ليشمل أقوالهم في الرسول وأصحابه وفي الله تعالى وأنبيائه عليهم السلام والمطاعن في الدين وتخطئة من آمن وهجاء كعب وتشبيبه بنساء المؤمنين.

{ فَإِنَّ ذٰلِكَ } الإِشارة إلى الصبر والتقوى الدال عليهما فعلهما وعبر بالمفرد عن المثنى كما قال الشاعر:
إن للخير وللشر مدى   وكلا ذلك وجه وقبل
يريد وكلا ذينك.

{ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } العزم إمضاء الأمر المروي المنقح. { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ } الآية هم اليهود أخذ الله عليهم الميثاق في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتموه ونبذوه: قاله ابن عباس وغيره. { وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ } الضمير عائد على الميثاق. وكذا في قوله: فنبذوه، والثمن القليل: هو ما أخذوه من الرشا على تبيين الميثاق وكتمه. { فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } تقدم الكلام في ما بعد بئسما في البقرة:بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ } [الآية: 90]. { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ } الآية نزلت في المنافقين كانوا يتخلفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو فإِذا جاء استعذروا له فيظهر القبول ويستغفر لهم ففضحهم الله بهذه الآية: قاله أبو سعيد الخدري وغيره. وقرىء ولا يحسبن بياء الغيبة، وفلا يحسبنهم بالياء وضم الباء. والذين: فاعل ومفعولاً يحسبن محذوفاً لدلالة مفعولي يحسبنهم عليهما والتقدير أنفسهم ناجين وفلا يحسبنهم توكيد لما سبق ولا يصح أن يكون بدلاً كما قال ابن عطية الوجود الفاء، فإِنها تمنع من البدل. وقول الفارسي في أن لا يحسبن لغو لم يقع على شيء قول ضعيف جداً. وتقدير الزمخشري لا يحسبنهم الذين فيفسر الضمير الفاعل قد رددناه عليه في تقديره ولا يحسبنهم الذين كفروا إنما نملي لهم فيطالع هناك. وتعدى يحسبنهم المضموم الباء إلى الضمير المنصوب والفعل مسند إلى الضمير المرفوع وهو الواو المحذوفة وذلك مختص بباب ظن وفقه وعلم وبمفازة هو المفعول الثاني. وقرىء لا لا تحسبن وفلا تحسبنهم، والخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام. والذين المفعول الأول والثاني محذوف تقديره فاحبي. وقرىء لا يحسبن بياء الغيبة، والذين فاعل والمفعولان ليحسبن محذوفان وفلا تحسبنهم بتاء الخطاب وفتح الباء.

السابقالتالي
2