الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } * { وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ } * { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ }

{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ } قدم القتل على الموت لقرب قوله: وما قتلوا. وقرىء متّم بكسر الميم من مات يمات، كخاف يخاف، وبضمها من مات يموت ووزن الأول فعل، والثاني فعل.

واللام في قوله: { لَمَغْفِرَةٌ } جواب القسم المحذوف قبل لام التوطئة أي والله لئن قتلتم ومغفرة نكرة وُصلت بقوله: من الله، وخير خبر، والمعنى خير لكم مما تجمعون من حطام الدنيا. والخطاب للمؤمنين.

{ وَلَئِنْ مُّتُّمْ } قدم الموت لمقاربة قوله: أو متم، والخطاب عام للمؤمن والكافر.

واللام في { لإِلَى ٱلله } جواب القسم المحذوف، وإلى الله متعلق بقوله: { تُحْشَرُونَ } ولا تدخل نون التوكيد فيه للفصل بينه وبين اللام ولو لم يفصل لكان الكلام لتحشرن إلى الله وقيل هو خطاب للمؤمنين كالخطاب السابق ولذلك قدره الزمخشري لآلي الرحيم الواسع الرحمة المثيب العظيم الثواب تحشرون، قال: ولوقوع اسم الله هذا الموقع مع تقديمه وإدخال اللام على الحرف المتصل به شأن ليس بالخفي. " انتهى ". يشير بذلك إلى مذهبه من أن التقديم يؤذن بالاختصاص فكان المعنى عنده فإِلى الله لا غيره تحشرون وهو عندنا لا يدل بالوضع على ذلك وإنما يدل التقديم على الاعتناء بالشيء والاهتمام بذكره كما قال سيبويه: وزاده حسناً هنا أن تأخير الفعل هنا فاصلة فلو تأخر المجرور لفات هذا الغرض.

{ فَبِمَا رَحْمَةٍ } ما زائدة والمجرور متعلق بلنت. قال الرازي: قال المحققون: دخول اللفظ المهمل الوضع في كلام أحكم الحاكمين غير جائز وهنا يجوز أن تكون ما استفهامية للتعجب تقديره فبأي رحمة من الله لنت لهم، وذلك بأن جنايتهم لما كانت عظيمة، ثم إنه ما أظهر البتة تغليظاً في القول ولا خشونة في الكلام علموا أنّ هذا لا يتأتى إلا بتأييد رباني قبل ذلك. انتهى كلامه. وما قاله المحققون صحيح لكن زيادة ما للتوكيد لا ينكره في أماكنه من له أدنى تعلق بالعربية فضلاً عمن يتعاطى تفسير كلام الله وليس ما في هذا المكان مما يتوهمه أحد مهملاً فلا يحتاج ذلك إلى تأويلها بأن تكون استفهاماً للتعجب، ثم أن تقديره ذلك فبأي رحمة دليل على أنه جعل ما مضافة للرحمة وما ذهب إليه خطأ من وجهين: احدهما أنه لا تضاف ما الاستفهامية ولا أسماء الاستفهام غيْر أي بلا خلاف وكم على مذهب أبي إسحاق.

والثاني: أنه إذا لم تصحّ الإِضافة فيكون إعرابه بدلاً وإذا كان بدلاً من اسم الاستفهام فلا بد من إعادة همزة الاستفهام في البدل وهذا الرجل لحظ المعنى ولم يلتفت إلى ما تقرر في علم النحو من أحكام الألفاظ وكان يغنيه عن هذا الارتباك والتسلق إلى ما لا يحسنه، والتسور عليه قول الزجاج في ما هذه: أنها صلة فيها معنى التوكيد بإِجماع النحويين والرحمة هي لين القلب ودماثته وتحننه على المرحوم.

السابقالتالي
2