الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

{ أَمَنَةً } الامنة: إلا من. وقرىء بسكون الميم والظاهر أن أمنة مفعول أنزل.

و { نُّعَاساً } بدل منه ويجوز أن يكون أمنة مفعولاً من أجله ونعاساً مفعول من أنزل أي أنزل النعاس لأجل أمنكم لأن النعاس لا يكون معه خوف ولهذا قال في الأنفال:إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ } [الآية: 11]، أي ليؤمنكم به.

{ يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ } هم المؤمنون وعليكم عام مخصوص به والنعاس الذي غشيهم كان حين ارتحل أبو سفيان وتركوا ركوب الخيل وجنبوها ركبوا الابل تاركين للقتال.

{ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } هم المنافقون لم يلق الله عليهم النعاس، وطائفة مبتدأ وجاز الابتداء به لأنه نكرة والمكان مكان تفصيل، والواو للحال وهي من مسوغات الابتداء بالنكرة قد أهمتهم يقال: أهمني الشيء أي كان من همي وقصدي أي مما أهم به وأقصده وأهمني الأمر أقلقني وأدخلني في الهم.

و { يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ } لم يتعد إلى اثنين والباء في بالله ظرفية بمعنى في كما قال: فقلت لهم ظنوا بالفي مذحج. والمعنى يوقعون ظنهم في الله أي في حكم الله وما قدره ظناً.

{ غَيْرَ ٱلْحَقِّ } فغير صفة لمصدر محذوف.

و { ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ } بدل منه. ومعنى الجاهلية: الملة التي كانت قبل ملة الاسلام كما قال: حميّة الجاهلية.

{ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ } معناه النفي ومعنى أن الأمر أي من الخروج إلى القتال والرأي.

{ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } أي أن تصاريف الوجود وما يجري فيه لله تعالى لا لغيره. وقرىء كله توكيداً لقوله: الأمر. ولله خبر انّ. وقرىء كله بالرفع مبتدأ وخبره لله والجملة في موضع رفع خبر انّ.

{ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم } قال الزبير: والله لكأنّي أسمع قول معتب بن قشير والنعاس يغشاني ما أسمعه إلا كالحلم حين قال لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ومعتب هذا شهد بدراً وكان مغموصاً عليه بالنفاق.

{ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ } قارّين وأراد الله قتل من قتل منكم.

{ لَبَرَزَ } والمضجع مكان قتله.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } قرأها عمر على المنبر فقال: لما كان يوم أحد وهزمنا ففرت حتى صعدت الجبل فلقد رأيتني أنزو كأنني أروي والناس يقولون: قتل محمد، فقلت: لا أجد أحداً يقول قتل محمد إلا قتلته حتى اجتمعنا على الجبل، فنزلت هذه الآية كلها.

{ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ } أي طلب منهم الزلل ودعاهم إليه لأن ذلك هو مقتضى وسوسته وتخويفه هكذا قالوه ولا يلزم من طلب الشيء واستدعائه حصوله. فالأولى أن يكون استفعل هنا بمعنى [افعل فيكون المعنى] أزلهم الشيطان فيدل على حصول الزلل ويكون استزل وأزل بمعنى واحد كاستبان وأبان واستبلّ وأبلّ. { وَقَالُواْ } أي قال بعضهم لبعض.

السابقالتالي
2 3