الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

{ سَنُلْقِي } أتى بالسين التي هي أقرب في الاستقبال من سوف، وقرىء الرعب بسكون العين وضمها والباء في بما للسبب وما مصدرية أي بإِشراكهم بالله. وقرىء سيلقي بالياء وهو ضمير الله تعالى.

{ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } يريد إلهاً أو معبوداً لم ينزل به سلطاناً وليس المعنى أن ثم سلطاناً لم ينزل الله وإنما المعنى على نفي السلطان فينتفي الإِنزال كما قال الشاعر:
على لاحب لا يهتدي بمناره   
أي لا منار له فيهتدي به فانتفى السلطان والانزال كما انتفى المنار والهداية به.

{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } هذا جواب لمن رجع إلى المدينة من المؤمنين، قالوا: وعدنا الله بالنصر والامداد بالملائكة فمن أي وجه آتينا فنزلت اعلاماً أنه تعالى صدقهم الوعد ونصرهم على أعدائهم أولاً وكان الامداد مشروطاً بالصبر والتقوى فاتفق من بعضهم من المخالفة ما نص الله تعالى في كتابه وجاءت المخاطبة بجمع ضمير المؤمنين في هذه الآيات وإن كانوا لم يصدر ما يعاتب عليه من جميعهم وذلك على طريقة العرب في نسبة ما يقع من بعضهم للجميع على سبيل التجوز، وفي ذلك إبقاء على من فعل وستر إذ لم يعين وزجر لمن لم يفعل أن يفعل وصدق الوعد هو أنهم هزموا المشركين أولاً، وكان لعلي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب والزبير وأبي دجانة وعاصم بن أبي الأفلح رضي الله عنهم في ذلك اليوم بلاء عظيم وهو مذكور في السير وكان المشركون في ثلاثة آلاف ومعهم مائتا فرس والمسلمون في سبعمائة رجل وتعدت صدق هنا إلى اثنين ويجوز أن تتعدى إلى الثاني بحرف جر تقول: صدقت زيداً الحديث وصدقت زيداً في الحديث وذكرها بعض النحويين في باب ما يتعدى إلى اثنين وأصلها أن يكون الثاني بحرف الجر فيكون من باب استغفر واختار والعامل في إذ صدقكم ومعنى تحسونهم تقتلونهم وكانوا قتلوا من المشركين اثنين وعشرين رجلاً وقرأ أبو عبيد بن عمير تحسونهم رباعياً من الاحساس أي تذهبون حسهم بالقتل وغيا القتل بوقت الفشل وهو الجبن والضعف والتنازع هو التجاذب في الأمر التنازع صدر من الرماة " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رتب الرماة على فم الوادي وقال: أثبتوا مكانكم وإن رأيتمونا هزمنا فأنا لا نزال غالبين ما ثبتم مكانكم وعدهم بالنصر إن ثبتوا أو انتهوا إلى أمره " ، فلما انهزم المشركون قال بعض الرماة: قد انهزموا فما موقفنا هنا الغنيمة الغنيمة الحقوا بنا بالمسلمين، وقال بعضهم: بل نثبت مكاننا كما أمرنا: وقيل: التنازع هو ما صدر من المسلمين في الاختلاف حين صيح ان محمداً قد قتل والعصيان هو ذهاب من ذهب من الرماة عن مكانه طلباً للنهب والغنيمة وكان خالد بن الوليد حين رأى قلة الرماة صاح في خيله وحمل على من بقي من الرماة فقتلهم وحمل في عسكر المسلمين فتراجع المشركون فأصيب من المسلمين يومئذٍ سبعون رجلاً وإذا بعد حتى في موضع جر بحتى مزالاً عنها معنى الشرطة، قال الأخفش وغيره.

السابقالتالي
2 3