الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ } * { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّٰكِرِينَ } * { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } * { فَآتَاهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ } * { بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ }

{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ } الآية الخطاب للمؤمنين وظاهره العموم والمراد الخصوص وذلك أن جماعة من المؤمنين لم يحضروا غزوة بدر إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج مبادراً يريد عبر القريش فلم يظنوا حرباً وفاز أهل بدر بما فازوا به من الكرامة في الدنيا والآخرة فتمنوا لقاء العدو ليكون لهم يوم كيوم بدر وهم الذين حرضوا على الخروج لأحد، فلما كان في يوم أحد ما كان من قتل عبد الله بن قميئة مصعب بن عمير الذاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاناً أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قتلت محمداً وصرخ صارخ وفشا ذلك في الناس انكفوا فآرين، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: اليَ عباد الله حتى انحازت إليه طائفة واستعذروا في انكفائهم بأنه أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين، فنزلت هذه الآية بلومهم على ما صدر منهم مع ما كانوا قرروا مع أنفسهم من تمني الموت. وقرأ البزي: كنتم تمنون بشدّ التاء في حروف محصورة ذكرها القراء في كتبهم.

{ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ } هو على حذف مضاف تقديره أن تلقوا أسبابه.

{ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ } أي رأيتم أسبابه وقرأ الجمهور الرسل. وقرىء رسل بالتنكير.

{ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } لما صُرح بأن محمداً قد قتل تزلزلت أقدام المؤمنين ورعبت قلوبهم وأمعنوا في الفرار وكانوا ثلاث فرق فرقة قالوا ما نصنع بالحياة بعد رسول الله قاتلوا على ما قاتل عليه فقاتلوا حتى قتلوا منهم أنس بن النضر، وفرقة قالوا: نلقي إليهم بأيدينا فإِنهم قومنا وبنو عمّنا. وفرقة أظهرت النفاق وقالوا ارجعوا إلى دينكم الأول فلو كان محمداً نبياً ما قتل وقد اجتمع الاستفهام والشرط. ومذهب سيبويه ان انقلبتم جواب للشرط. ومذهب يونس ان لاستفهام داخل على انقلبتم، وجواب الشرط محذوف وهي مسألة ذكرت في النحو، وعلى أعقابكم معناه الارتداد وقيل الفرار وتقدم في البقرة تفسير نظيره. قال ابن عطية: كتاباً مؤجلاً كتاباً نصب على التمييز. انتهى. هذا لا يظهر فإِن التمييز: كما قسمه النحاة ينقسم إلى منقول وغير منقول وأقسامه في النوعين محصورة وليس هذا واحداً منها. انتهى. قرأ الأعمش: ومن يرد ثواب الدنيا يؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة يؤته منها بالياء فيهما. قال ابن عطية: وذلك على حذف الفاعل لدلالة الكلام عليه. انتهى. وهذا وهم وصوابه وذلك على إضمار الفاعل والضمير عائد على الله تعالى.

{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ } الآية لما كان من المؤمنين ما كان يوم أحد وعتب الله عليهم ما صدر منهم في الآيات التي تقدمت أخبرهم بأن الأمم السالفة قتلت أنبياء كثيرين أو قتل ربيون كثير معهم فلم يلحقهم ما لحقكم من الوهن والضعف ولا تناهم عن القتال فجعهم بقتل أنبيائهم أو قتل ربّيّيهم بل مضوا قدماً في نصرة دينهم صابرين على ما حل بهم إذ قتل نبي أو أتباعه من أعظم المصائب، فكذلك كان ينبغي لكم التأسي بمن مضى من صالحي الأمم السابقة هذا وأنتم خير الأمم ونبيكم خير الأنبياء.

السابقالتالي
2 3