الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ } * { بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }

{ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ } الآية مناسبتها لما قبلها، أنه لما نهاهم عن اتخاذ بطانة من الكفار ووعدهم أنهم إن صبروا واتقوا فلا يضرهم كيدهم ذكرهم بحالة اتفق فيها بعض طواعية واتباع لبعض المنافقين وهو ما جرى يوم أحد لعبد الله بن أبي سلول حين انخذل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعه في الانخذال ثلاثمائة رجل من منافق وغيرهم من المؤمنين، وان ذلك كله كان في غزوة أحد وفيها نزلت هذه الآية كلها، ومعنى غزوة خروجه من عند أهله وفسر ذلك بخروجه من حجرة عائشة رضي الله عنها يوم الجمعة غدوة.

{ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ } أي مواطن للقتال وعبر بالقعود لأنه الدال على الثبوت للشيء، قال الزمخشري وقد اتسع في قعد وقام حتى أجريا مجرى صار، " انتهى ".

أما إجراء قعد مجرى صار، فقال: أصحابنا إنما صار في لفظة واحدة وهي شاذة لا تتعدى وهي في قولهم: شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة أي صارت وقد نقد على الزمخشري تخريج قوله تعالى: { فَتَقْعُدَ } ملوماً على أن معناه فتصير لأن ذلك عند النحويين لا يطرد وفي اليواقيت لأبي عمر الزاهي، قال ابن الأعرابي: القعد الصيرورة والعرب تقول: قعد فلان أميراً بعدما كان مأموراً أي صار وأما إجراء قام مجرى صار فلا أعلم أحداً عدها في أخوات كان ولا ذكر أنها تأتي بمعنى صار ولا ذكر لها خبراً إلا أبا عبد الله بن هشام الخضراوي فإِنه قال في قول الشاعر:
على ما قام يشتمني لئيم   
انها من أفعال المقاربة قال الزمخشري: أو عمل فيه بمعنى سميع عليم، " انتهى ". يعني في إذ همت وهذا غير محرر لأن العامل لا يكون مركباً من وصفين فتحريره أن يقول أو عمل فيه معنى سميع أو عليم وتكون المسألة من باب التنازع وجواز أن يكون معمولاً لتبوىء ولغدوت.

{ إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ } الطائفتان بنو سلمة من الخزرج، وبنو حارثة من الأوس، وهما الجناحان، قاله ابن عباس: وكان خروجه عليه السلام في ألف، والمشركون في ثلاثة آلاف، فانخذل عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس.

{ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا } فيه ثناء عليهما، إذ لم ينفذوا إليهم بل حضرا القتال وقرىء: وليهم على الجمع.

{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ } لما أمرهم بالتوكل عليه ذكرهم بما يوجب التوكل عليه وهو ما سنى لهم وما يسر من الفتح والنصر يوم بدر وهم في حال قلة وذلة إذ كان ذلك النصر ثمرة التوكل عليه والثقة به.

{ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ } في أعين أعدائكم من القلة وان كانوا أعزاء في نفوسهم والنصر ببدر هو المشهور الذي قتل فيه صناديد قريش، وعلى يوم بدر انبنى الإِسلام وكان يوم الجمعة السابع عشر من رمضان الثمانية عشر شهراً من الهجرة.

السابقالتالي
2 3