الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } * { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ لَيْسُواْ سَوَآءً } سبب نزولها إسلام عبد الله بن سلام وغيره من اليهود وقول الكفار من احبارهم ما آمن بمحمد إلا شرارنا ولو كانوا أخياراً ما تركوا دين آبائهم، قاله ابن عباس: والضمير في ليسوا عائد على أهل الكتاب وسواء خبر ليس بخبرية عن الاثنين وعن الجمع، وقد سمع تثنيته، قالوا: هما سواء ان ثم بين تعالى عدم التسوية بقوله تعالى:

{ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } إلى ما وصفهم به.

{ قَآئِمَةٌ } أي مستقيمة.

و { آنَآءَ ٱللَّيْلِ } ساعاته واحدها أنى كمعي وأنى كفتى، وأنى كنحن، وأنى كظبي، وأنو كجرد ووصو أمة بقوله: " قائمة " وهو إسم فاعل يدل على الثبوت ثم بالمضارعات من قوله: يتلون ويؤمنون ويأمرون وينهون ويسارعون وهي تدل على التجدد والتكرار والمسارعة والمبادرة والخيرات عامة تشمل هذه الأوصاف السابقة وغيرها.

{ وَأُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى من اتصف بهذه الأوصاف السابقة، فانظر إلى حسن مساق هذه الصفات حبّ توسط الأعيان وتقدمت عليه الصفة المختصة بالإِنسان في ذاته وهي الصلاة بالليل وتأخرت عنه الصفتان المتعديتان والصفة المشتركة وكلها نتائج عن الإيمان.

{ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ } قرىء: بالياء فيها جرياً على نسق الغيبة وبالتاء فيهما.

الظاهر انه التفات إلى قوله: أمة قائمة وصفهم بأوصاف جليلة أقبل عليهم تأنيساً لهم واستعطافاً عليهم فخاطبهم بأن ما يفعلونه من الخير فلا يمنعون ثوابه ولذلك اقتصر على قوله: من خير. لأنه موضع عطف عليهم وترحم ولم يتعرض لذكر الشر ومعلوم أن كل ما يفعل من خير وشر يترتب عليه موعوده ويؤيد هذا الالتفات أنه راجع إلى أمة قائمة قرارة الياء.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية، وهو أنه لما ذكر شيئاً من أحوال المؤمنين ذكر شيئاً من أحوال الكافرين ليتضح الفرق بين القبلتين.