الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ } * { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } * { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ }

{ هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ } أي على ما يشاء من الهيآت ودل على كمال العلم والقدرة ودل على كينونة عيسى عليه السلام من الذين صورهم في الأرحام فانتفت عنه الإِلهية وفيه رد على الطبيعيين إذ يجعلون لطبيعة فاعلة مستبدة كيف يشاء مفعول يشاء محذوف وكيف جزاء وفعل الشرط محذوف والتقدير على أي هيئة شاء أن يصوركم صوركم وكيف منصوب على الحال وحذف صوركم هنا لحذف الجزاء في نحو أنت ظالم إن فعلت أي إن فعلت فأنت ظالم ولا محل للجملة في مثل هذا وان كان لها تعلق بما قبلها من حيث المعنى وتفكيك مثل هذا التركيب لا يهتدي إليه إلا بعد تمرن في الاعراب واستحضار للطائف النحو وقد خبطوا في إعراب هذه الجملة بما يوقف عليه في الهجر.

{ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } تأكيد لما قبلها من الإِنفراد بالإِلهية والغلبة والحكمة وفي ذكر الحكيم إشارة إلى التصوير وضع الأشياء على ما اقتضته الحكمة ولما كان أولئك الوفد قد ذكروا للرسول صلى الله عليه وسلم ان في كتابه وروح منه أي في حق عيسى أخبر تعالى أن آيات الكتاب منها محكمة ومتشابهة والمحكم ما لم يتشابه كآيات الحلال والحرام ولا يحتمل إلا وجهاً واحداً والمتشابهة ما احتمل من التأويل وجوهاً.

{ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } أي الأصل الذي يرجع إليه.

{ وَأُخَرُ } أي وآيات أخر أي غير تلك.

{ مُتَشَابِهَاتٌ } وقد اختلف المفسرون في المحكم والمتشابه اختلافاً كثيراً وارتفع آيات على الفاعلية إذ المجرور معتمد أو على الابتداء.

{ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ } أي ميل عن الحق كالنصارى واليهود من صرف كلام الله ممن ينتمي إلى ملة الإِسلام كالإِباحية والقائلين بالتناسخ وعلم الحروف والمجسمة وغلاة الباطنية والقائلين بالحلول والوحدة من المتظاهرين بذلك في كتبهم وكل من زاغ عن الحق بالتعلق بشيء من المتشابه وعلل اتباع أهل الزيغ المشابه بعلتين إحداهما.

{ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ } أي فتنة أهل الإِسلام بالاضطراب والثانية.

{ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } وكلاهما مذموم ثم ذكر تأويله المتشابه فقال:

{ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ } بالوقف على لفظ الجلالة وهذا هو الظاهر فيكون قوله:

{ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } إبتداء كلام وخبره قوله:

{ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } ومن عطف والراسخون على الجلالة فجعلهم يعلمون التأويل فليس بظاهر وعلى قولهم يكون يقولون جملة في موضع الحال من الراسخين والضمير في به عائد في الظاهر على التأويل ويجوز أن يعود على الكتاب محكمة ومتشابهة لأن الإِيمان بهما حاصل وقوله:

{ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } أي كل من المحكم والمتشابه.

{ وَمَا يَذَّكَّرُ } أي ما يتعظ بالمحكم والمتشابه.

{ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } أي ذوو العقول السليمة الناظرون في وجوه التأويلات والاحتمالات الحاملون ذلك على ما اقتضاه لسان العرب من الحقيقة والمجاز والنظر فيما يجوز وما يجب وما يستحيل وانتصاب.

السابقالتالي
2 3 4