الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } * { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } * { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } * { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } * { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } * { قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } * { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } * { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } * { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ }

{ لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً } أبهم العذاب الشديد وفي تعيينه أقوال مضطربة فمنها أنه يحشره مع غير جنسه والسلطان المبين الحجة والعذر وفيه دليل على الاغلاظ على العاصين وعقابهم وبدأ أولاً بأخف العقابين وهو التعذيب ثم أتبعه بالأشد وهو إذهاب المهجة بالذبح وأقسم على هذين لأنهما من فعله وأقسم على الإِتيان بالسلطان وليس من فعله لما نظم الثلاثة في الحكم باه كأنه قال ليكونن أحد هذه الثلاثة والمعنى ان أتى بالسلطان لم يكن تعذيب ولا ذبح وإلا كان أحدهما * والظاهر أن الضمير في مكث عائد على الهدهد أي غير زمن بعيد أي عن قريب ووصف مكثه بقصر المدة للدلالة على إسراعه خوفاً من سليمان وليعلم كيف كان الطير مسخراً له ولبيان ما أعطي من المعجزة الدالة على نبوته وعلى قدرة الله تعالى وكان فيما روي قد أعلم بما أقسم به سليمان فبادر إلى جوابه بما يسكن غيظه عليه وهو أن غيبته كانت لأمر عظيم عرض له.

{ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } وفي هذا جسارة من لديه علم لم يكن عند غيره وتبجحه بذلك وإبهام حتى تتشوق النفس إلى معرفة ذلك المبهم ما هو ومعنى الإِحاطة هنا أنه علم علماً ليس عند نبي الله سليمان عليه السلام قال الزمخشري: ألهم الله الهدهد فكافح سليمان بهذا الكلام على ما أوتي من فضل النبوة والحكمة والعلوم الجمة والإِحاطة بالمعلومات الكثيرة إبتلاء له في علمه وتنبيهاً على أن في أدنى خلقه وأضعفه من أحاط علماً بما لم يحط به لتتحاقد إليه نفسه ويصغر إليه علمه ويكون لطفاً له في ترك الإِعجاب الذي هو فتنة للعلماء وأعظم بها فتنة والإِحاطة بالشىء علماً أن يعلم من جميع جهاته لا يخفى منه معلوم قالوا وفيه دليل على بطلان قول الرافضة ان الإِمام لا يخفى عليه شىء ولا يكون في زمانه أحد علم منه " انتهى " ولما أبهم في قوله: بما لم تحط به انتقل إلى ما هو أقل منه إبهاماً وهو قوله:

{ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } إذ فيه إخبار بالمكان الذي جاء منه وأنه له علم بخبر مستيقن له وقرىء فمكث بضم الكاف وفتحها وذكر أن مثل سبأ بنبأ يسمى تجنيس التصريف قال: وهو أن تنفرد كل كلمة من الكلمتين عن الأخرى بحرف ومنه قول ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ولفظ بناء لا يكون إلا الخبر الذي له شأن ولفظ الخبر مطلق فيطلق على ماله شأن وما ليس له شأن ولما أبهم الهدهد أولاً ثم أبهم ثانياً دون ذلك الإِبهام صرح بما كان أبهمه فقال:

{ إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } ومعنى وجدت هنا أصبت والضمير في تملكهم عائد على سبأ إن كان أريد به القبيلة وإن أريد الموضع فهو على حذف مضاف أي وجئتك من أهل سبأ والمرأة بلقيس بنت شراحيل وكان أبوها ملك اليمن كلها وقد ولده أربعون ملكاً ولم يكن له ولد غيره فغلبت على الملك وكانت هي وقومها مجوساً يعبدون الشمس.

السابقالتالي
2 3 4