{ وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ } هذا اخبار عما يقع منهم في الآخرة وهو قولهم:{ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } [الزمر: 74] وما أشبه ذلك من محاورة أهل الجنة ويكون الصراط الطريق إلى الجنة * والظاهر أن الحميد وصف الله تعالى وناسب هذا الوصف لكثرة ما يحمده أهل الجنة. { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ } الآية المضارع قد لا يلحظ فيه زمان معين من حال أو استقبال فيدل إذ ذاك على الاستمرار ومنه ويصدون عن سبيل الله كقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ آمَنُو } وتطمئن وهذه الآية، نزلت عام الحديبية حين صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام والظاهر أنه نفس المسجد وقيل الحرم كله ومن صد عن الوصول إليه فقد صد عنه وقرىء سواء بالنصب مفعول ثان لجعلنا فارتفع به العاكف وسواء أصله مصدر بمعنى مستو فعلى هذا يكون العاكف مبتدأ وفيه متعلق بالعاكف وسواء الخبر والجملة في موضع المفعول الثاني لجعلنا وخبر أن محذوف يدل عليه جزاء الشرط تقديره يجزون على كفرهم وصدهم بالعذاب الأليم ومفعول يرد بالحاء والباء زائدة والأحسن أن يضمن معنى يرد يلتبس فيتعدى بالباء والإِلحاد هو الميل عن القصد والظلم هو الشرك ولذلك رتب عليه العذاب الأليم * ولما ذكر تعالى حال الكفار وصدهم عن المسجد الحرام وتوعد من أراد فيه بإِلحاد ذكرهم حال أبيهم إبراهيم ووبخهم على سلوكهم غير طريقه من كفرهم باتخاذ الأصنام وامتنانه عليهم بإِيفاد العلم إليهم. { وَإِذْ بَوَّأْنَا } أي واذكر إذ بوأنا أي: جعلنا لإِبراهيم مكان البيت مباءة أي مرجعاً يرجع إليه للعمارة والعبادة. { أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً } خطاب لإِبراهيم صلى الله عليه وسلم وكذا ما بعده من الأمر وأن مصدرية وصلت بالنهي كما توصل بالأمر. { وَٱلْقَآئِمِينَ } هم المصلون ذكر من أركانها أعظمها وهو القيام والركوع والسجود. { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ } أي ناد وروي أنه صعد أبا قبيس فقال: يا أيها الناس حجوا بيت ربكم. { يَأْتُوكَ } جواب الأمر والكاف في يأتوك خطاب لإِبراهيم صلى الله عليه وسلم جعل إتيان البيت إتياناً له صلى الله عليه وسلم لأنه المعلم بإِتيان الناس. و { رِجَالاً } جمع راجل وهو الماشي على قدميه. { وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ } أي وركباناً على كل ضامر وهي الإِبل التي ضمرت أحشاؤها من طول السير والضمير في: { يَأْتِينَ } عائد على كل ضامر. { عَميِقٍ } البعيد وأصله البعد سفلاً يقال: بئر عميق أي بعيدة الغور والفعل عمق وعمق قال الشاعر:
إذا الخيل جاءت من فجاج عميقة
يمد بها في السير أشعث شاحب
{ لِّيَشْهَدُواْ } متعلق بيأتوك ونكر المنافع لأنه أراد منافع مختصة بهذه العبادة دينية ودنياوية لا توجد في غيرها من العبادات. { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ } كني عن النحر والذبح بذكر اسم الله لأن أهل الإِسلام لا ينفكون عن ذكر اسمه وإذا نحروا أو ذبحوا وفيه تنبيه على أن الغرض الأصلي فيما يتقرب إلى الله أن يذكر اسمه عليه * والأيام المعلومات أيام العشر قاله ابن عباس وجماعة * وبهيمة الانعام تقدم الكلام عليها في المائدة.