الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } * { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ }

و " الناس " اسم جمع لبني آدم. وقالوا: ناس من الجن. وهو مجاز وأصله عند سيبويه والفراء أناس حذفت همزته فوزنه عال. وعند الكسائي نوس من ناس تحرك. وعند غيرهما نَسَيْ من النسيان قلب، ويدل عليه قولهم في تصغير إنسان أنيسان.

ومن هنا موصولة وجوزوا أن تكون موصوفة وهي مبتدأ والخبر في الجار والمجرور قبلها ولا بد من قيد في الناس وإلا كان أخباراً لا تستقل به فائدة. فالتقدير ومن الناس السابق ذكرهم الذين اندرجوا في قولهم: إن الذين كفروا فليس هؤلاء إلا بعضاً من أولئك شاركوهم في جميع ما أخبر به عن أولئك وزادوا أنهم ادعوا الإِيمان واكذبهم الله تعالى وليسوا غير مختوم على قلوبهم كما زعم الزمخشري.

وجعل من موصولة أكثر في لسان العرب من كونها موصوفة ويدل على أنها موصولة انها نزلت في ناس بأعيانهم معروفين. بما صدر منهم من أقوالهم وأفعالهم كعبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه ومن وافقه من غير أصحابه ممن أظهر الاسلام مقالا وأبطن الكفر اعتقاداً واقتصروا على قولهم.

{ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } منهم أن يعترفوا بالايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أنزل إليه وايهاما انهم من طائفة المؤمنين وحمل في قوله يقول على لفظ من وفى.

{ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } على المعنى. وقول ابن عطية: إنه لا يجوز أن يرجع من لفظ الجمع إلى لفظ الواحد مخالفة لقول النحويين من أنه يجوز أن يبدأ بالحمل على المعنى ثم على اللفظ وإن كان الحمل أولاً على اللفظ ثم على المعنى أولى. وقد ثبت ما أنكره في كتاب الله تعالى وفي لسان العرب وبمؤمنين في موضع نصب. وأكثر لغة الحجاز جر الخبر بالباء وعليه أكثر ما جاء في القرآن. وزيدت الباء في الخبر للتأكيد ولأجل التوكيد بولغ في نفي إيمانهم بأن جاءت الجملة إسمية، وسلط النفي على اسم الفاعل الذي ليس مقيداً بزمان ليشمل جميع الأزمان ولم يجيىء التركيب مبنياً على قولهم فيكون وما آمنوا.

والخداع، قيل: إظهار غير ما في النفس. وقرىء: يخدعون الله مضارع خدع. وجاز في يخادعون أن يكون مستأنفاً، كان قائلاً يقول: لم يتظاهرون بالإِيمان وليسو بمؤمنين؟ فقيل: يخادعون. قيل: وأن يكون بدلاً من يقول أو حالاً من ضمير، يقول ولا يجوز أن يكون حالاً من الضمير في بمؤمنين، والعامل فيها اسم الفاعل كما ذهب إليه أبو البقاء وهذا إعراب خطأ وذلك ان ما دخلت على الجملة فنفت نسبة الإِيمان إليهم، فإِذا قيدت تلك النسبة بحال تسلط النفي على تلك الحال وهو القيد فنفته. ولذلك طريقان في لسان العرب أحدهما، وهو الأكثر: أن ينتفي ذلك القيد فقط، ويكون إذ ذاك قد ثبت العامل في ذلك القيد.

السابقالتالي
2