الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } * { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

{ وَقَالُواْ } الضمير لأبناء اليهود الذين بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } جمع أغلف وهو الذي لا يفقه كاحمر وحمرا والغلاف: الغشاء، وأصله: التثقيل كخمار وخمر قالوا ذلك بهتاً.

{ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أي طردهم الله وأبعدهم. وقرىء غلف بسكون اللام وبضمها.

{ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } ما زائدة وانتصب قليلاً على أنه حال على رأي سيبويه، أو نعت لمصدر محذوف على المشهور وتقليل إيمانهم بحسب متعلقة. (وقال) الزمخشري: ويجوز أن تكون القلة بمعنى العدم. تبع ابن الأنباري إذ قال: المعنى: فما يؤمنون قليلاً ولا كثيراً. وهذا لا يصح لأن قليلاً انتصب بالفعل المثبت فصار نظير ممت قليلاً وللقليل الذي يراد به النفي المحض مواضع ذكرها النحويون وهو قولهم أقل رجل يقول ذلك وقل رجل يقول ذلك وقلما يقوم زيد وقليل من الرجال يقول ذلك وقليلة من النساء تقول ذلك. وإذا تقرر هذا فحمل القلة هنا على النفي المحض ليس بصحيح.

{ وَلَمَّا جَآءَهُمْ } الضمير عائد على اليهود نزلت فيهم حين كانت غطفان تقاتلهم وتهزمهم وكانوا يلقون من العرب أذى كثيراً حتى أن الأوس والخزرج حاربوهم فغلبوهم.

{ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } هو القرآن وصفه بكونه من عند الله جدير أن يقبل ويتبع ما فيه ويعمل بمضمونه إذ هو وارد من عند خالقهم وفي مصحف أبي.

{ مُصَدِّقٌ } بالنصب أي.

{ لِّمَا مَعَهُمْ } من التوراة والإِنجيل ونصبه على الحال من كتاب تخصص بالوصف.

{ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ } أي من قبل مجيء الكتاب.

{ يَسْتَفْتِحُونَ } أي يستنصرون.

{ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهم المشركون الذين يقاتلونهم أو يفتحون عليهم بأنه قد أظل زمان نبي يبعث نتبعه ومجيء الكتاب يستدعي من ينزل عليه الكتاب وهو النبي وجواب لما تقديره كذبوه.

{ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ } أي ما سبق لهم تعريفه للمشركين كفروا به وجحدوه وهذا أبلغ في ذمهم إذ كفروا بما علموا كقوله:وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ } [النمل: 14]. وما: كناية عن الكتاب إذ هو المتقدم في الذكر لما كفرا بما جاءهم من عند الله، وتضمن كفرهم بالكتاب كفرهم بمن جاء به استهانة بالمرسل والمرسل قابلهم تعالى بالاستهانة والطرد وجعل اللعنة مستغلية عليهم جللهم بها. وألْ في الكافرين للعموم واندرج فيهم اليهود أو أقيم الظاهر مقام المضمر إشعاراً بالوصف الذي استحقوا به اللعنة. (وقال) الزمخشري: ويجوز أن تكون للجنس ويدخلون فيه دخولاً أوّلياً ويعني بالجنس العموم، ودلالته على كل فرد فرد دلالة متساوية فليس بعض الأفراد أولى من بعض.