الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } * { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ }

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } وجد قتيل في بني إسرائيل وجهلوا قاتله فاختلفوا فيه فأمرهم الله بذبح بقرة فتعنتوا فيها مرة بعد مرة وقرىء يأمركم بإِخلاص ضمة الراء واختلاسها وبإِسكانها، والبقرة الأنثى من البقر وقد تطلق على الذكر. وكان المأمور بذبحه بقرة إذ كانوا ممن يعظم البقر حتى عملوا عجلاً وعبوده.

وقرىء { أَتَتَّخِذُنَا } بتاء الخطاب أي يا موسى، وبالياء أي الله.

{ هُزُواً } أي ذوي هزء استغربوا لما سألوا موسى عن تعيين القاتل فأجابهم بهذا على ما هم عليه من سوء عقيدتهم في أنبيائهم وتكذيبهم لهم ولو وفقوا لكان الجواب منهم امتثال الأمر.

{ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } أي ممن يخبر عن الله بأمر لم يأمر به ولما استعاذ موسى بالله تعالى علموا أن ما أخبرهم به هو عزيمة من الله بما أمرهم به من ذبح بقرة:

{ قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ } ففي الحديث لو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم. وما هي: مبتدأ وخبر في موضع مفعول يبين وهي معلقة لأن التبيين إعلام في المعنى وما هي ليس سؤالاً عن الماهية إنما هو سؤال عن الوصف ولذلك جاء الجواب بالوصف فكأنهم قالوا ما صفتها وكما علموا ما لموسى عند الله من الخصوصية قالوا ربك.

{ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ } وصفة للبقرة وإذا وصفت النكرة بما دخل عليه لا كررت وكذا الخبر والحال إلا ما ندر. والفارض المسن التي انقطعت ولادتها في الكبر يقال فرضت وفرضت بفتح الراء وضمّها يفرض فروضاً. والبكر الصغيرة التي لا تلد من الصغر. قيل: أو ولدت ولداً واحداً. والعوان النصف وهي التي ولدت مرة بعد مرة. يقال: عونت المرأة.

و { عَوَانٌ } تفسير لما تضمنه الوصفان.

{ بَيْنَ ذٰلِكَ } أي بين الفروض والبكارة وافرد ذلك إذ قد يشار به للمفرد والمثنى والمجموع بصيغة واحدة. فيقال: كيف ذلك الرجال يا رجال، وكذا كان الخطاب قد تكون مفردة للمفرد والمثنى والمجموع من المذكر والمؤنث أو حذف معطوف كما حذف في قوله: فما كان بين الخير إذ بين تقتضي شيئين أو أشياء.

{ فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ } أمر بامتثال ما أمروا به فلم يفعلوا وتعنتوا في السؤال فسألوا عن لونها. والصفرة هنا المعهودة لا السواد تقول العرب أصفر فاقع وأبيض ناصع ويقق وأسود حالك وأحمر قاني وأخضر ناضر فهذه التوابع تدل على شدة الوصف كأنه قيل أصفر شديد الصفرة ومن غريب ما وقع في لغة الترك انهم إذا أرادوا المبالغة في وصف اللون ركبوا من الحرف الأول مع الباء الساكنة ما يدل على الوصف بشدة ذلك اللون يقولون في أسود قرا فإِذا أرادوا شدة السواد قالوا قبقرا، وكذا صرى الأصفر يقولون صبصرا، وقزل الأحمر يقولون قبقزل، وكذا باقي الألوان والوصف بفاقع ونحوه مما يدل على شدة اللون يطابق ما قبله فتقول سوداء حالكة وصفراء فاقعة، وهنا رفع الظاهر المذكر فلذلك لم تلحق التاء.

السابقالتالي
2 3