الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } * { للَّهِ ما فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ } الآية مفهوم الشرط يقتضي أخذ الرهن في السفر وعدم الكاتب أقام تعالى التوثق بالرهن مقام الكتابة والشهادة. وقرىء فرهان جمع رهن ورهن بضمتين كسقف وسقف وبسكون الهاء والفاء جواب الشرط أي فالمستوثق به رهن، وثم محذوف أي وإن كنتم على سفر وتبايعتم أو تداينتم. وفي قوله: مقبوضة، اشتراط القبض ولا يدل على أنه يتولى القبض بل لو قبض بنفسه أو بوكيله ويكون متقوماً يصح بيعه وشراؤه ويتهيأ فيه القبض ولو بالتخلية فيما التخلية قبض مثله.

{ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً } أي إن وثق رب الدين بأمانة الغريم فدفع إليه ماله بغير كتاب ولا إشهاد ولا رهن.

{ فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ } الضمير في أمانته عائد على الذين أؤتمن، والأمانة مصدر أطلق على الشيء الذي في اليد أو بقي على مصدريته على حذف مضاف أي دين أمانته. والأمر في فليؤد للوجوب. وقرىء أؤتمن بهمزة ساكنة وبإِبدالها ياء كهمزة يد للكسرة قبلها. وقرىء الذي تمن بإِدغام التاء المبدلة من الياء في تاء افتعل وهي لغة رديئة.

قال الزمخشري: وليس بصحيح لأن الياء منقلبة عن الهمزة فهي في حكم الهمزة واتزر عامي وكذلك ريا من رؤيا. " انتهى ". وما ذكر الزمخشري فيه أنه ليس بصحيح وان اتزر عامي يعني أنه من إحداث العامة لا أصل له في اللغة، وقد قدمنا أن ذلك لغة رديئة. وأما قوله: وكذلك ريا من رؤيا فهذا التشبيه إما أن يعود إلى قوله واتزر عامي فيكون إدغام ريا عامّياً وإما أن يعود إلى قوله: فليس بصحيح، أي وكذلك إدغام ريا ليس بصحيح. وقد حكى الادغام في ريا الكسائي.

{ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ } أي في أداء ما أئتمنه رب المال وجمع بين الذات والوصف.

{ وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ } هذا نهي تحريم.

{ وَمَن يَكْتُمْهَا } الآية الكتم من معاصي القلب والشهادة علم بالقلب فلذلك علق الإِثم به وعنه يترجم اللسان وقلبه فاعل باثم. (وقال) ابن عطية: ويجوز أن يكون يعني آثم ابتداء وقلبه فاعل يسد مسد الخبر، والجملة خبر إنّ " انتهى ". وهذا لا يصح على مذهب سيبويه وجمهور البصريين لأن اسم الفاعل لم يعتمد على أداة نفي ولا أداة استفهام، نحو: أقائم الزيدان، وأقائم الزيدون، وما قائم الزيدان، وما قائم الزيدون. لكنه يجوز على مذهب أبي الحسن إذ يجيز قائم الزيدان فيرفع الزيدان باسم الفاعل دون اعتماد على أداة نفي ولا استفهام (قال) ابن عطية: ويجوز أن يكون قلبه بدلاً على بدل البعض من الكل يعني أنه يكون بدلاً من الضمير المرفوع المستكن في آثم، والإِعراب الأول هو الوجه. وجوز الزمخشري أن يكون آثم خبراً مقدماً وقلبه مبتدأ والجملة في موضع خبر إنّ، وهذا الوجه لا يجيزه الكوفيون.

السابقالتالي
2 3 4