{ وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ } نزلت قبل موته عليه السلام بزمان يسير فقال عليه السلام: اجعلوها بين آية الربا وآية الدين. وقرىء ترجعون مبنياً للفاعل ومبنياً للمفعول. وقرىء يرجعون بياء الغيبة وهو التفات والرجوع إلى الله أي إلى جزائه وهو يوم القيامة. { ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } أي جزاء ما كسبتم من خير وشر. { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ } الآية لما أمر بالصدقة وبترك الربا وكلاهما يحصل به تنقيص المال نبَّه على طريق حلال في تنمية المال وأكد في كيفية حفظه وأمر فيه بعدة أوامر. وفي قوله: تداينتم بدين تجنيس مغاير وذكر بدين وإن كان مفهوماً من تداينتم ليعود الضمير على منطوق به. { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } ليس قيداً يحترز به بل لا يقع الدين إلا كذلك. ومعنى مسمى: مؤقت معلوم. { فَٱكْتُبُوهُ } أمر بالكتابة وظاهره الوجوب وبه قال الطبري وأهل الظاهر: وقال الجمهور: هو أمر ندب. { وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ } قيل هو فرض على الكفاية كالجهاد ومعنى البنينية أي بين صاحب الدين والمدين. { بِٱلْعَدْلِ } بالحق أي متصف بالأمانة على ما يكتب. وقرىء بكسر لام وليكتب وإسكانها. { وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ } نهي عن الامتناع من الكتابة أي ما علمه من كتابة الوثائق لا يبدل ولا يغير، وأكد النهي بقوله: { فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ } أي الذي وجب عليه الحق لأنه هو المشهود عليه بأن الدين في ذمته والمستوثق منه بالكتابة. { وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ } فيما عليه ويقربه. وجمع بين اسم الذات والوصف لكونه يذكره كونه مربياً له مصلحاً لحاله ولا يبخس منه شيئاً أي لا ينقص بالمخادعة والمدافعة والمأمور بالاملاك هو المالك لنفسه. { فَإن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهاً } أي جاهلاً بالأمور والاملال أو صبياً او امرأة لا يضبط ما يقر به أو ضعيفاً أي مريضاً يعجز عن الإِقرار لضعفه مع ثبوت حسّه. { أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ } لخرسه أو عيّه. وهو توكيد للضمير المستكن في أن يمل ولما كان العطف بأو كان الضمير مفرداً أي فإِن كان أحد هؤلاء. { فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ } أي الناظر في أمره من وصي أو وكيل أو غيرهما مما له نظر وولاية في حق هؤلاء { بِٱلْعَدْلِ } حث على تحريه لصاحب الحق والمولى عليه. { وَٱسْتَشْهِدُواْ } أي اشهدوا وهو مما فيه استفعل بمعنى أفعل كاستيقن وأيقن وجاء بصيغة المبالغة في { شَهِيدَيْنِ } وهو من كثرت منه الشهادة فهو عالم بمواقفها وما يشهد فيه. { مِّن رِّجَالِكُمْ } أضاف إلى المؤمنين فلا يستشهد الكافر. ومن رجالكم فيه دلالة على أنه لا يجوز شهادة الصبي وفيه جواز شهادة العبد وهو مذهب شريح وجماعة.