الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَٰواْ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَانُ مِنَ ٱلْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرِّبَٰواْ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَٰواْ فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَٱنْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى ٱللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَٰواْ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ } * { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَٰواْ } لما أمر بالانفاق من طيب ما كسبوا وحض على الصدقة. وقال: ولا تيمموا الخبيث ذكر نوعاً من الخبيث كان غلب عليهم في الجاهلية وهو الربا حتى يمنع من الصدقة ما كان ربا. والربا الزيادة وهو مخصوص في الشرع بزيادة مبينة في الشرع بين ذلك في كتب الفقه. وقرأ العدوي: الربو بالواو وهي لغة الحيرة، ولذلك كتبها أهل الحجاز بالواو لأنهم تعلموا الخط من أهل الحيرة وذلك على لغة من وقف على أفعى بالواو وأجرى الوصل مجرى الوقف.

{ لاَ يَقُومُونَ } خبر عن الذين قيل وقبله حال محذوفة أي مستحلين ذلك. وقال ابن عباس: لا يقومون يوم القيامة من قبورهم أي يبعث كالمجنون عقوبة لهم. " انتهى ".

أو لا يقومون الى تجارة الربا إلا بحرص وجشع كقيام المتخبط بالجن تستفزه الرغبة حتى يضطرب والظاهر أن الشيطان يتخبط الانسان حقيقة وقيل: هو مجاز عن إغوائه الذي يصرعه به أو على ما كانت العرب تزعمه أنه يخبط الانسان وتخبط تفعل موافق للمجرد وهو خبط والمس الجنون ويتعلق من المس بيقوم أو يتخبطه.

وقال الزمخشري: فإِن قلت: لم يتعلق قوله من المسّ؟ (قلت): بلا يقومون أي لا يقومون من المس الذي بهم إلا كما يقوم المصروع. " انتهى ". وكان قد قدم في شرح المس أنه الجنون وهذا الذي ذهب إليه في تعلق من المس بقوله: لا يقومون ضعيف لوجهين احدهما انه قد شرح المس بالجنون وكان قد شرح أن قيامهم لا يكون إلا في الآخرة وهناك ليس بهم جنون ولا مس ويبعد أن يكنى بالمس الذي هو الجنون عن أكل الربا في الدنيا فيكون المعنى لا يقومون يوم القيامة أو من قبورهم من أجل أكل الربا.

{ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَانُ } إذ لو أريد هذا المعنى لكان التصريح به أولى من الكناية عنه بلفظ المس إذ التصريح به أبلغ في الردع والزجر، والوجه الثاني أن ما بعد إلا لا يتعلق بما قبلها إلا إن كان في حيّز الاستثناء وهذا ليس في حيز الاستثناء ولذلك منعوا أن يتعلق بالبينات والزبر. بقوله:وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } [يوسف: 109، النحل: 43]. وانه ليس التقدير وما أرسلناك بالبينات والزبر إلا رجالاً يوحى إليهم.

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرِّبَٰواْ } ذلك إشارة إلى القيام وهو مبتدأ خبره بأنهم أي كائن بسبب أنهم وشبهوا البيع المجمع على جوازه بالربا وهو محرم ولم يعكسوا تنزيلاً لهذا الذي يفعلونه من الربا بمنزلة الأصل المماثل له في البيع وهو من عكس التشبيه وهو موجود في كلام العرب كثير في أشعار المولدين.

السابقالتالي
2 3