الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } * { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } * { إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ٱللَّهِ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } * { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } * { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

{ ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ } أي يخوفكم به إذا تصدقتم يقول: أمسك لئلا تفتقر. وقرىء الفقر والفقر بفتحتين والفقر بضم القاف.

{ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ } أي بالمعاصي التي منها البخل في الحقوق الواجبة. والمعنى يغويكم بالفحشاء إغواء الآمر.

{ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً } أي ستراً لما اجترحتموه من السيئات.

{ وَفَضْلاً } أي زيادة في الرزق وتوسعة وإخلافاً لما تصدّقتم به.

{ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ } أي بالجود والفضل.

{ عَلِيمٌ } بنيات من أنفق.

{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ } قرىء بالياء وبتاء الخطاب والحكمة القرآن والفهم فيه.

{ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ } قرىء مبنياً للفاعل ومبنياً للمفعول.

قال الزمخشري في قراءة من قرأ ومن يؤت: معناه ومن يؤته الله الحكمة فإِن أراد تفسير المعنى فصحيح، وإن أراد تفسير الاعراب فليس كذلك بل من مفعول بفعل تقدم الشرط كما تقول: أياً تعط درهماً أعطه درهماً. وقرىء ومن يؤته وحسن تكرار الحكمة لكونها في جملتين وللاعتناء بها والتنبيه على شرفها وفضلها.

قال الزمخشري: وخيراً كثيراً تنكير تعظيم كأنه قال: فقد أؤتي أي خير كثير. " انتهى ".

وهذا الذي ذكره يستدعي ان في لسان العرب تنكير تعظيم ويحتاج إلى الدليل على ثبوته وتقديره أي خير كثير إنما هو على أن يجعل أي خير صفة لخير محذوف أي.

{ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً } أي خير كثير ويحتاج إلى إثبات مثل هذا التركيب من لسان العرب وذلك أن المحفوظ أنه إذا وصف بأي فإِنما تضاف للفظ مثل لفظ الموصوف في الفصيح تقول: مررت برجل أيّ رجل. كما قال الشاعر: د ف
دعوت امرأ امرىء فأجابني   وكنت وإياه ملاذا وموئلا
وإذا تقرر هذا فهل يجوز وصف ما تضاف إليه أي إذا كانت صفة فتقول: مررت برجل أيّ رجل كريم، أم لا يجوز يحتاج جواز ذلك إلى دليل سمعي. وأيضاً ففي تقديره أي خير كثير حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ولا يجوز ذلك إلا في ندور لا تقول: رأيْت أي رجل تريد رجلاً أي رجل إلا في ندور.

نحو قوله:
إذا حارب الحجاج أي منافق   علاه بسيف كلما هزَّ يقطع
يريد منافقاً أي منافق. وأيضاً ففي تقديره خيراً كثيراً أي خير كثير حذف أي الصفة واقام المضاف إليه مقامها وقد حذف الموصوف به أي فاجتمع حذف الموصوف وحذف الصفة وهذا كله يحتاج إثباته إلى دليل.

{ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } فيه حض على العمل بطاعة الله ولما كان قد يعرض للعاقل في بعض الأحيان الغفلة قيل: وما يذكر.

{ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ } ما عامة في نفقة البر وغيره وفي نذر الطاعة وغيرها. ومن نفقة ومن نذر تأكيد لفهم ذلك من قوله: وما أنفقتم أو نذرتم فأكد اندراج القليل والكثير في ذلك، لقوله: ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة وحذف ما من قوله: أو نذرتم، إذ التقدير أو ما نذرتم لدلالة ما عليه فيما قبله.

السابقالتالي
2 3 4 5