الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَٰفِرِينَ } * { وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَٰسِقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأرْضِ أُولَـۤئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ }

ولما كان الأمر أمر تهكم وتعجيز أخبر أنهم ليسوا قادرين على المعارضة بقوله: ولن تفعلوا. وجاء بلن وإن كان الغالب أنها تدخل على الممكن تهكماً بهم على أنها ربما تدخل على الممتنع وعبر بالفعل عن الاتيان لأنه ما من شيء من الاحداث إلا يصح أن يعبر عنه بالفعل. وفي كتاب ابن عطية تعليل غريب لعمل لم الجزم. قال: وجزمت لم لأنها أشبهت لا في التبرئة في أنهما ينفيان وكما تحذف لا تنوين الاسم كذلك تحذف لم الحركة ولن تفعلوا إثارة لهممهم ليكون عجزهم بعد ذلك أبلغ وفيه دليل على إثبات النبوة إذ هو إخبار بالغيب ولم يقع من أحد معارضة أصلاً ولن تفعلوا جملة اعتراض لا موضع لها من الإِعراب.

وقال الزمخشري: واقتران الفعل بلن في هذه الجملة دون لا وان كانتا أختين في نفس المستقبل، لأن في لن توكيد أو تشديد أتقول لصاحبك لا أقيم غداً. فإِن أنكر عليك قلت: لن أقيم غداً كما تفعل في أنا مقيم واني مقيم. " انتهى ".

وهذا مخالف لما حكي عنه أنّ لن تقتضي التأبيد فيما نفي. وقال ابن خطيب: زملكاً لن تنفي ما قرب ولا يمتد النفي فيها وهذا يكاد يكون عكس قول الزمخشري وكون لن تقتضي التأكيد أو التأبيد أو نفي ما قرب أقوال متأخرين والرجوع ذلك لمستقرىء اللسان سيبويه ومن في طبقته قال سيبويه: لن نفي لقول سيفعل، ولا نفي لقول يفعل. " انتهى ". وهو نص على أنهما ينفيان المستقبل.

{ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ } جواب على الشرط الذي هو فإِن لم تفعلوا وكني به عن ترك العناد لأن من عاند بعد وضوح الحق له استوجب العقاب بالنار واتقاء النار من نتائج ترك العناد. قيل وعرّفت النار ووصفت بالتي وصلت لتقدم ذكرها في سورة التحريم إذ تلك الآية نزلت بمكة وهذه بالمدينة.

وقرىء { وقودها } على أن يراد به الذي توقد به. ووقودها - بضم الواو - وهو مصدر أي ذووا وقودها أو جعلوا المصدر مبالغة وحكي المصدر بالفتح أيضاً وقرىء وقيدها أي موقودها.

{ وَٱلْحِجَارَةُ } يناسب أن تفسر بالأصنام لقوله تعالى:إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [الأنبياء: 98]. أعدت للكافرين الكثير في لسان العرب ان الاعداد لا يكون إلا للموجود وهو التهيئة والارصاد. قال الشاعر:
أعددت للحادثان سابغة وعداء علندا   
وقد تكون فلما هو في معنى الموجود كقوله تعالى:أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [الأحزاب: 35].

قال ابن عطية في قوله: أعدت، رد على من قال بأن النار لم تخلق حتى الآن وهذا القول الذي سقط فيه منذر بن سعيد. " انتهى ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7