الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

{ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } يعني الزوج الذي طلق مرة بعد مرة وهو راجع إلى قوله: أو تسريح بإِحسان، أي: فإِن سرحها التسريحة الثالثة التي هي باقية من عدد الطلاق والنكاح يطلق على العقد وعلى الوطء فحمله السعيد ان ابن المسيب وابن جبير على العقد وقالا: إذا عقد عليها الثاني حلت للأول وإن لم يدخل بها ولم يصبها وخالفها الجمهور لحديث امرأة رفاعة. وقول الجمهور: مغيب الحشفة يحل ولفظة زوجاً غيره جواز نكاح المحلل فيحلل. وسواء اشترط ذلك أم لم يشترط ولا يندرج في ذلك وطىء السيد أمته المطلقة ثلاثاً. وفي الكلام جمل محذوفة يدل عليها مشروعية النكاح أي فإِن طلقها وانقضت عدتها منه فلا تحل له حتى يعقد عليها زوج آخر ويدخل بها ويصيبها ويطلقها وتنقضي عدتها منه حينئذٍ يحل للزوج المطلق ثلاثاً أن يتراجعا.

{ فَإِن طَلَّقَهَا } أي الثاني وانقضت عدتها منه.

{ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ } أي على الزوج المطلق ثلاثاً والزوجة.

{ أَن يَتَرَاجَعَآ } أي بنكاح جديد ويجوز أن يعود الضمير على الزوج الثاني وزوجته أي: فإِن طلقها الثاني فلا جناح عليهما أن يتراجعا وتكون الآية أفادت حكمين أحدهما أن المبتوتة ثلاثاً تحل للأول بعد نكاح زوج غيره وذلك بالشروط التي تقدمت وهذا مفهوم من صدر الآية. والحكم الثاني أن للزوج الثاني الذي طلقها يجوز له أن يراجعها لأنه ينزل منزلة الأول فيجوز لهما أن يتراجعا ويكون ذلك دفعاً لما يتبادر إليه الذهن من أنه إذا طلقها الثاني حلت للأول فلكونها حلت له اختصت به فلا يجوز للثاني أن يردها فيكون قوله: فلا جناح عليهما أن يتراجعا مبيّناً أن حكم الثاني حكم الأول وأنه لا يتحتم أن الأول يراجعها. وقوله:

{ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } الضمير عائد على ما فسروه من كونه للزوج الأول ومبتوتته ويكون جواز التراجع موقوفاً على نكاح زوج غيره وعلى ظنهما أن يقيما حدود الله ومفهوم الشرط الثاني أنه لا يجوز التراجع ان لم يظنا. قال الزمخشري: ومن فسر الظن هنا بالعلم فقدْ وَهَم من طريق اللفظ، والمعنى لأنك لا تقول علمت أن يقوم زيد ولكن علمت أنه يقوم زيد ولأن الانسان لا يعلم ما في الغد وإنما يظن ظناً. " انتهى ".

وما ذكره من أنك لا تقول من علمت أن يقوم زيد قد قاله غيره. قالوا: إن الناصبة للمضارع لا يعمل فيها فعل تحقيق نحو العلم واليقين وإنما يعمل في أن المشددة. قال أبو علي الفارسي في الإِيضاح: ولو قلت علمت أن يقوم زيد. فنصبت الفعل بأن لم يجز لأن هذا من موضع أنّ لأنها مما قد ثبت واستقر كما أنه لا يحسن أرجو أنك تقوم وظاهر كلام أبي علي مخالف لما ذكر سيبويه من أنه يجوز أن تقول ما علمت إلا أن يقوم زيد فاعمل علمت في أن قال بعض أصحابنا ووجه الجمع بينهما أنّ علمت قد تستعمل، ويراد بها العلم القطعي، فلا يجوز وقوع ان بعدها كما ذكره الفارسي، وقد تستعمل ويراد بها الظن القوي فيجوز أن تعمل في أن، ويدل على استعمالها ولا يراد بها العلم القطعي قوله: فإِن علمتموهن مؤمنات فالعلم هنا إنما يراد به الظن القوي لأن القطع بايمانهم غير متوصل إليه.

السابقالتالي
2 3